من وراء الزمان، أسمع إيقاعَ خطواتك وأنت تسير باتِّجاهِ زماننا على طريق العدالة فأُحَرِّكُ جيش الكلام الحرون وآتيك مختبئاً وراء الكلمات.. آلامي الحديثة تتَّحد بالآلام السحيقة التي تطفو بكَ من قعر السنين وتستقرُّ في قحفِ جمجمتي. أرى الحياةَ ترتِّب إيقاعَ ممشاها على أصداءِ خطواتِك الأولى التي دخلت في عناقٍ أزليّ أبديّ مع القرون. تضطرب على شفتيَّ الأسئلة: لماذا جاءت دموعُ العالم مبكِّرةً عليك؟ هل كان يحتاجُ هذا العالمُ أن يغتسل في بحيرةٍ من النحيب لأجلك كي يشفى من أمراضه؟ الأرضُ كلُّ الأرض خندقك الأخير، وجنودك هم أولئك الذين ما زالوا يتعقَّبون آثارك على طريق الحقيقة.. جنودك هم أولئك الذين شتلوا قاماتهم في دروبك، وبذروا أصواتهم في فضائك حتَّى أعشبت بهم الأرضُ والسماء. هل كان يحتاج أن ينغمس في ينبوعٍ من البكاء عليك كي يتطهَّر من أدرانه؟ في كلِّ عصر، يزدادُ إيمانُ الوجود بأنَّهُ لا طريقَ يفضي إلى الخلاص إلا طريقُ العودة إلى ينابيعك الأولى.. لا طريقَ يفضي إلى الخلاص ما لم يعبر من خلالك باتجاه الحياة.. فلا غروَ أن يواصل الشعرُ كفاحه عبر قضيَّتك..عبر ذكراك..عبر استلهامك.. عبر رأسك المقطوع الذي ما يزال ينزفُ أفكاراً. على خطوطِ جبهتك، فتح الإيمانُ لهُ جبهةَ حربٍ منذ القِدم، ووقفت الحرِّيَّةُ تدافعُ عن نفسها في نفسك الشامخة طوال السنين. الأرضُ كلُّ الأرض خندقك الأخير، وجنودك هم أولئك الذين ما زالوا يتعقَّبون آثارك على طريق الحقيقة.. جنودك هم أولئك الذين شتلوا قاماتهم في دروبك، وبذروا أصواتهم في فضائك حتَّى أعشبت بهم الأرضُ والسماء. أيُّها الآتي من أعالي الإيمان يؤسِّس إيقاعَ الخلاص للأجيال القادمة ويسير على أصدائه.. أيُّها المتجمِّر بالدفء الثوريِّ في جوانح الأحرار.. أيُّها المقيمُ في خبزنا، ومائنا، وملحنا، وجرحنا، ورؤيتنا حينما ننظرُ إلى المستقبل.. أيها الموقظ أحلامَنا من سبات الأيام، والداخل بنا في أضلاع الكون زاويةً حادَّةً لا تنفرجُ إلا للمجد والعزَّة.. ها نحنُ نجلسُ على حدود الغضب ونَتَنَفَّسُكَ في الوقت منذ أن توزَّعتَ أنفاساً على كلِّ لحظة من لحظات الزمن. أيُّها العابرُ بأَكْمَلِكَ من غربال العصور بعد أن نَخَلَتْكَ الحقيقةُ.. ما الذي يلمع في عينيك: غضبٌ أم صلاة؟ ما الذي يتوهَّج في كفَّيك:عاصفةٌ أم فتوحات؟ حينما تعلنُ الحياةُ ذكراكَ، يعودُ إلى الجراحِ شبابُها، وتسيلُ البطولةُ موجةً في جدول الأيام، ويمتدُّ في أرواحِنا خطُّ استواءِ الضوء على خارطة الظهيرة. هذه حروفُ اسمك ترنُّ بكبرياءٍ على رخام الحياة، وهذا أنتَ كائنٌ كونيٌّ تشكَّل في هيئةِ جرحٍ مشاعٍ، لا يمكن أن يسرقه أحدٌ من أحد من فرط ما اتَّسعت فيه الحياةُ فأصبح مُلكاً للشعوب.. كلِّ الشعوب.