للحرب أسباب كثيرة منها الانتخابات الداخلية بإسرائيل ورغبة قوى اليمين في حشد الجمهور خلفه وسط صراعات وانقسامات داخل النخبة التقليدية، ورغبة إسرائيل في استكشاف مدى تأثير الربيع العربي على ردود الفعل العربية. كذلك هناك أسباب عسكرية مثل تجريب نظام القبة الحديدية، وأستكشف تطور قدرات المقاومة الصاروخية. ومع تعدد الأسباب إلا أنها جميعا تعود لمؤثر واحد، الخوف هو المحرك الأول لهذه الحرب، تغيير المعادلات السياسية بالمنطقة يجعل إسرائيل في الموقف الأضعف بعد أن خسرت تركيا وحولتها بغباء شديد من حليف لها إلى مناهض لسياستها، إسرائيل التي تخرج من هزيمة لأخرى منذ عام 2000 وجدت نفسها محاطة بالخوف من كل الجهات. إسرائيل كنموذج لدولة الحرب الحديثة لا يمكنها الحياة بغير حرب، لكنها تعلم جيدا أن حتى الغرب الداعم لها سياسيا من الصعب أن يوافق على حرب كبيرة حاليا في ظل متغيرات اقتصادية واجتماعية عميقة تجتاح أوروبا، وإسرائيل تعلم بالطبع أنها غير قادرة وحدها على الصمود بحرب طويلة لأنها ببساطة أضعف كثيرا من ذلك، وكل مدنها أصبحت بمرمى الصواريخ من جهات عديدة. فالوضع السياسي المستقر عبر أكثر من ربع قرن، والذي سمح لها بفرض رؤيتها للصراع عالميا وإقليميا، بدأ في التغير سريعا، وإسرائيل كنموذج لدولة الحرب الحديثة لا يمكنها الحياة بغير حرب، لكنها تعلم جيدا أن حتى الغرب الداعم لها سياسيا من الصعب أن يوافق على حرب كبيرة حاليا في ظل متغيرات اقتصادية واجتماعية عميقة تجتاح أوروبا، وإسرائيل تعلم بالطبع أنها غير قادرة وحدها على الصمود بحرب طويلة لأنها ببساطة أضعف كثيرا من ذلك، وكل مدنها أصبحت بمرمى الصواريخ من جهات عديدة، ربما يفسر ذلك أن إسرائيل دقت طبول الحرب على إيران ثم اعتدت على غزة، أضعف نقطة بخريطة الصراع، فهل ستخرج كاسبة من تلك الحرب العبثية؟ بالتأكيد لا لقد خسرت إسرائيل بالفعل على المستوى الإستراتيجي، أما مرحليا فهي تتسول التهدئة وإن كان بغطرسة سلاح الطيران الجبان الذي يضغط بدم الأطفال ليعوض بعض خسائره، وعلى المستوى السياسي، لا يمكن اختبار أوضاع غير مستقرة والمواقف الحالية قابلة للصعود تحت ضغط الرأي العام العربي الذي يتطور سريعا، ويجب أن لا ننسى كيف أغلقت الجماهير المصرية السفارة الإسرائيلية بالقاهرة كإعلان واضح على الرفض الشعبي وأي سلطة بمصر لا يمكنها تجاهل ذلك، وعلى المستوى العسكري، ثبت سريعا فشل نظام القبة الحديدية على الأقل من حيث التكلفة العالية، أما داخليا فالهزيمة كبيرة، لم يتعاطف الإسرائيليون مع الحرب، حركات الاحتجاج على السياسات الاقتصادية بدأت بالتحرك ضد الحرب وبدأت تضغط لوقفها ولن يكسب اليمين المتطرف ما يتمناه من أصوات، الصواريخ التي وصلت تل أبيب وتجاوزتها لجنوب القدس، سببت ضغطا معنويا كبيرا على السكان وقد وجدنا دعوات من أسر جنود إسرائيليين تعلن رفضها إرسال أبنائها لغزة، فلا مكسب لدولة الحرب من تلك الحرب سوى المزيد من الخوف الذي يزداد عمقا كل يوم. للتاريخ أدواته المعقدة للتقدم للأمام، وإسرائيل كدولة عنصرية استثنائية ليست إلا نفق للعبور فهي حالة عبثية فهي دولة صغيرة مساحيا وعدديا، ولا يمكنها التوسع لأسباب طبيعية، وتقوم على العنصرية المقيتة التي تلفظها الإنسانية بشكل عام، ولا تاريخ أو جذور لها سوى صفحات ملطخة بالدم لتذكر البشرية بجرائم العنصرية، لن تطول الحرب هذه المرة، لن تدخل قوات برية لغزة إلا إذا تحولت المغامرة إلى ملهاة، لكن أرجوا ألا نحتفل نحن أيضا بنصر فالطريق طويل. [email protected]