بعد قرار وزارة العمل بفرض رسم 200 ريال شهريا لكل عامل وافد يزيد على عدد السعوديين في المنشآت، ثبت أن اجتهادات الوزارة في توطين الوظائف جانبها الصواب، وأنها لن تنتهي الى سعودة منطقية وواقعية توازن بين استحقاقات القطاع الخاص وواجباته، فالقرار بدا واضحا أنه تم دون دراسة ميدانية لواقع السوق وتداعياته، وأكاد أجزم أنه ليس للوزارة خريطة بمنشآت ومؤسسات هذا القطاع لتحديد النتائج وتوفير خيارات مناسبة لأصحاب الأعمال لا ترهقهم أو تعطل حقوقهم في العوائد المادية لأعمالهم، فضلا عن أنه تم بطريقة «خذوه فغلّوه» حيث صدر القرار وشرعت الوزارة بصورة سريعة في تطبيقه، وذلك يعني توقف بعض المنشآت أو تحويل نشاطها الى الخارج إن أمكن ذلك. في إحدى الشركات الكبيرة التي توظف مئات العمالة التي تعمل في الطرق والنفايات يؤكد رجل أعمال أنه قد يضطر بهذا القرار الى إغلاق شركته، لأنه لا يمكن أن يجد سعوديين يعملون هذه الأعمال ولو بضعف رواتب الأجانب التي تبلغ 500 ريال وحين يخصم منها 200 ريال يتبقى للعامل 300 ريال، فهل سيقبل بذلك؟ إذن فالرجل لا قوة له بمواجهة القرار حتى وإن حاول الحفاظ على عمله بأي صورة كانت لا بد وأن يصل الى حد الخسارة وفقدان نشاطه، وكيف الحال بالنسبة لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟ إنه كارثي بلا شك فصاحب عمل بسيط يعود عليه بثلاثة أو أربعة آلاف ريال في الشهر ويعمل به أجنبي براتب ألف ريال في الشهر لا يمكن أن يعمل له مواطن بما لا يقل عن ألفين أو ثلاثة آلاف فماذا بقي له؟ والخيار الأفضل والمنطقي أمامه أن يغلق محله ويريح ويستريح، فهل درست الوزارة ذلك؟ كيف الحال بالنسبة لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟ إنه كارثي بلا شك فصاحب عمل بسيط يعود عليه بثلاثة أو أربعة آلاف ريال في الشهر ويعمل به أجنبي براتب ألف ريال في الشهر لا يمكن أن يعمل له مواطن بما لا يقل عن ألفين أو ثلاثة آلاف فماذا بقي له؟ والخيار الأفضل والمنطقي أمامه أن يغلق محله ويريح ويستريح، فهل درست الوزارة ذلك؟ ربما أرادت الوزارة استخدام أسلوب الصدمة في إصدار القرار وتطبيقه فور صدوره، ولكن ذلك في اعتقادي بمثابة ارتكاب خطأ فادح، لأن النتائج الواقعية مأساوية على قطاع الأعمال ولا تتحمل المغامرة بمثل هذا النوع من القرارات الذي قد يراه الوزير جريئا ولكنه في حقيقة الأمر يحتمل تهورا لم يدرس السوق ومتطلباته، ودليل ذلك أن اجتماع وزير العمل عادل فقيه مع رئيس مجلس إدارة الغرف التجارية السعودية رأى دراسة القرار وتأثيرات التكلفة التي ستترتب على المنشأة الملتزمة بعقود، وتأثيرات القرار بالنسبة للأنشطة التجارية الأخرى، وتم الاتفاق على أن يقوم مجلس الغرف بدعوة اللجان القطاعية لديه لدراسة القرار، أي أن القرار وضع العربة أمام الحصان أو أن الوزارة فعلت الأمر ثم قررت بعد ذلك. معالي وزير العمل أكد تفهم الوزارة لوجهة نظر رجال الأعمال، ولكن لماذا لم يحدث ذلك مسبقا في إطار دراسة كاملة وشاملة ووافية كان يمكن أن تقي الوزارة والوزير سخط رجال الأعمال الذين أعربوا عن تذمرهم من القرار وشهدت مكاتب العمل بالمملكة احتجاجا من قبل المراجعين مؤكدين رفضهم لهذا القرار لما يترتب عليه من تبعات وضغط على أصحاب المؤسسات الخاصة وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي كان من الواجب مراعاة ظروفها ودعمها بدلا من ارهاقها بتكاليف إضافية من الممكن أن تتسبب في إغلاقها، وذلك ما أراه سيحدث إن لم تبادر الوزارة الى مراجعة قرارها ووضعه في مسار علمي وواقعي بدلا من الارتجال والتعسف والإضرار بالاقتصاد الوطني، لأن كل قرار لا يراعي التوازن بين أطرافه لا بد وأن يأتي بنتائج عكسية وضارة بمجمل النشاط الاقتصادي كما سيفعله مثل هذا القرار.