استكمالا لما تم التطرق إليه في المقال السابق، حيث أوضحنا أن صور الاستحواذ أو الاندماج بين الشركات قد تتعدد، إلا أن أبسط صورالاستحواذ بين الشركات يتم من خلال استحواذ شركة كبرى على شركة صغرى وبالتالي تتحول الشركتان الى شركة واحدة بعد أن يتم إعادة توزيع ملكية الأسهم بينهما. أي أن أبسط صور الاستحواذ عندما يتم الاتفاق بين شركتين, الأولى كبيرة وقوية, والثانية ضعيفة وأقل قوة, عن طريق سيطرة الأولى على الثانية من خلال شراء جميع أو 51 بالمائة من أسهمها أو أصولها، بحيث ينتج عن هذه العملية اختفاء الشركة المباعة, بالرغم من المنافع والمزايا الاقتصادية المتعددة التي قد يحققها الاندماج والاستحواذ بين الشركات، فإن هناك كثيرا من السلبيات والمشاكل التي قد تصاحب أو قد تنشأ بسبب الاندماج والاستحواذ ونشاط أكبر للشركة المستحوذة. أما أبسط صور الاندماج بين الشركات فيحدث غالبا بين شركتين متماثلتين في النشاط وينتج عن عملية الاندماج اختفاء الشركتين معا وظهور شركة جديدة ثالثة أقوى اقتصاديا وتشغيليا من الشركتين قبل الاندماج. ولذا قد يتساءل البعض عن ماهية الأسباب الحقيقية التي قد تدفع بعض الشركات للاستحواذ أو الاندماج مع شركات أخرى؟ الواقع أن الأسباب التي قد تقف وراء الاندماج أو الاستحواذ بين الشركات كثيرة ولا يتسع المقام هنا لذكرها. الواقع أن ظاهرة الاندماج أو الاستحواذ بين الشركات لها بعد تاريخي قديم حيث تفشت هذه الظاهرة في أوروبا مطلع الستينيات الميلادية من القرن الماضي بسبب شدة المنافسة بين الشركات آنذاك ونشوء ما يعرف باقتصاديات الحجم الكبير. حيث لجأت الشركات في أوروبا لهذا الخيار لأسباب عدة من أهمها تحقيق العديد من الأهداف المتمثلة في تكامل العمليات الإنتاجية من خلال تضافر الجهود، وترشيد الإنفاق وتحقيق مزايا اقتصادية أخرى. أي تحقيق ما يعرف بالتعاضد أو التآزر وهو أن الاندماج أو الاستحواذ بين الشركات بهدف تحقيق مصالحة اقتصادية مشتركة للشركتين معا وذلك من خلال الحصول على قيمة جديدة هائلة من التعاضد أو التآزر tremendous synergies جراء اتحاد كلتا الشركتين بحيث تصبح قيمة الشركة الجديدة تفوق بكل المقاييس قيمة مجموع الشركيتن. كما أن من دوافع الاندماج استشعار بعض الشركات أن القيمة السوقية لأسهم الشركة تفوق قيمتها الحقيقية Overvalued قبل الاندماج مما قد يحفز إدارة الشركة لاستثمار هذه القيمة المبالغ فيها عن طريق شراء شركة أخرى. إلا أنه يجب التنويه إلى أنه بالرغم من المنافع والمزايا الاقتصادية المتعددة التي قد يحققها الاندماج والاستحواذ بين الشركات، فإن هناك كثيرا من السلبيات والمشاكل التي قد تصاحب أو قد تنشأ بسبب الاندماج والاستحواذ، والتي من أهمها: إذ قد يؤدي الاندماج والاستحواذ إلى إضعاف المنافسة وخلق الاحتكار!!. [email protected]