شن القيادي السلفي الدكتور خالد علم الدين مستشار الرئيس المصري هجوما حادا على من أسماهم العلمانيين ممن يعارضون تطبيق الشريعة الإسلامية والنص عليها صراحة فى الدستور المصري كما وجه اللوم الشديد للإخوان المسلمين لعدم وضوح موقفهم من تطبيق الشريعة متهما إياهم بأنهم كثيرا ما يتركون الباب مواربا وطالب فى حواره ل «اليوم» شيخ الأزهر ألا يستجيب لضغوط العلمانيين التى يمارسونها عليه – وفقا لقوله- ووجه مستشار الرئيس اللوم أيضا للدكتور مرسي على وعده بإنجازات المائة يوم واصفا الوعد بأنه لم يكن مدروسا ملمحا إلى أنه كان وعدا انتخابيا اضطر إليه الرئيس المصرى لكنه لايمكن تحقيقه . وقال الدكتور علم الدين أن حرية الفن والإبداع ستكون فى إطار الضوابط الشرعية . وعلى الصعيد العربى طالب مستشار الرئيس بتزويد المقاومة السورية بالسلاح كما أكد على أولوية التعاون الإقتصادي المصري العربي . وبحكم عمله كمستشار للبيئة للرئيس المصرى سألناه فى البداية عن طبيعة منصبه الجديد إلى جانب نشاطه كقيادى بارز فى حزب النور السلفى فقال : ** العمل فى مجال البيئة أصبح ضرورة ملحة لأنها ترتبط بكل ما يحيط بنا من مقومات حياة ولكننا تأخرنا كثيرا فى إدراك هذه الأهمية بسبب وجود مشغوليات وضروريات أخرى طغت على هذا الجانب إلى جانب سوء الادارة الذى كنا نعانيه من أعلى المستويات لأقلها ومع سوء الإدارة والفساد تم التعامل مع جهاز شئون البيئة فى مصر كمستودع لتكريم مجموعة من اللواءات فأصبح مليئا بأشخاص غير متخصصين ولا يقوم بمهمته حتى أصبح العمل فى الجهاز عقيما . * هل تعتقد أن هناك قوى خفية تتعمد إثارة هذه الأزمات لعرقلة مسيرة الرئيس مرسى ؟ - بالطبع هناك أفراد يرفضون أن ينطلق الوضع لرؤية سياسية وهم قلة غير أمناء على الوطن أما الأخطر منهم فهم المنتفعون والفاسدون بحكم تغلغل الفساد فى العهد السابق فى كل بقعة من الرأس للأطراف . وإذا كان من الصعب القضاء على هذه المنظومة سريعا لكن بالمتابعات والرقابة سنسيطر وذلك بتغيير السياسات وليس بتغيير الأشخاص كما أن كثيرا من الناس مستعدون للعيش فى بيئة صالحة بل هى فطرتهم الأساسية . أداء مرسي * كعضو بارز بحزب النور السلفى هل أنت راض عن أداء الدكتور مرسى وحكومة الإخوان ؟ - كلنا نرى الجهد الكبير المبذول خلال الفترة الماضية ولكن لوجود التبعات الثقيلة من النظام السابق فى جميع النواحى قد يلوم كثير من الناس على الدكتور مرسى وأنا منهم ألوم عليه بالوعد بالمائة يوم لأنه مستحيل أن تتحقق تلك الأمور المحددة فى المائة يوم ولكن قد يتحقق بعض المستهدف فقط . * إذن لماذا قدم الوعود فى رأيك ؟ **ربما لم يكن يتصور الوضع بهذا الشكل أو ربما كان فى حاجة لإعطاء وعود انتخابية فى تلك المرحلة وإن كنت أراها لم تكن مدروسة بالشكل الكافى لأن الواقع كان أصعب مما يظن بكثير. كما أن الرئيس يواجه بمقاومة شرسة والأمر يحتاج لمزيد من الوقت مابعد المائة يوم لكى نشعر بالإنجاز .وما نطالب به الرئيس أن يشعر المواطن بتغير ملموس . لكن بشكل عام أداؤه السياسي كان عاليا جدا سواء داخليا أم خارجيا . وما نريد أن نؤكد أن قرارات مصر نابعة من شعبها ممثلا فى هيئاته المنتخبة باختيار حر والشعب المصرى كسر قيده ولن تعود عقارب الساعة للوراء وأقول للرئيس على مدار عملك ستواجه بالنقد ونحن مسرورون بهذا النقد . * إلى أى مدى يتقبل الرئيس هذا النقد؟ - لديه سعة صدر كبيرة جدا وقد لمسنا ذلك فى مناقشته معنا فى إجتماعات المجلس الإستشارى . وعندما يتكلم أحد الزملاء بلهجة انتقادية شديدة ثم يريد أن يعتذر للرئيس فيطلب منه الاستمرار فى الكلام حتى لو كان نقدا . ونحن لدينا جرأة معه فى الكلام ما لم يكن مسموحا به فى الماضى إطلاقا وهو يستوعبها جيدا . تطبيق الشريعة * رغم كلامك عن الرئيس مرسي إلا أننا نشعر دائما بوجود حساسية بينكم فى حزب النور وبين الإخوان بشكل عام ما السبب ؟ - لأن هناك خلافا أساسيا أننا لنا مستهدف شرعى المفروض أن نحققه فى الجمعية التأسيسية أو فى دستور مصر القادم وهذا المطلب هو رغبتنا صراحة فى عدم وجود أى قوانين معارضة للشريعة الإسلامية أو منع إصدار قوانين مخالفة للشريعة والمادة الثانية من الدستور تتكلم عن أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للدستور بدون كلمة «مبادئ» المثيرة للغط بين الكثيرين ولكنهم أصروا عليها فطلبنا تفسير كلمة مبادئ ونحن نود أن نعرف من أولئك المعترضين هل يريدون تطبيق الشريعة أم لا ؟ وأطلب منهم أن يقولوها صراحة وأسألهم لماذا تخادعون الشعب المصري ؟ والشعب المصري يريد الشريعة ! * من تقصد؟ - كل الطوائف والفئات التى تمانع فى صياغة صريحة وواضحة لهذه المادة . ونحن بكل صراحة نؤاخذ على الإخوان المسلمين وعلى حزب الحرية والعدالة عدم قولهم الكلمة الفاصلة وبصراحة فى هذا البلد وكثيرا ما يتركون الباب «مواربا» ولذا نحن نرفض ذلك لانه لا يصلح خاصة فى هذه القضية لاسيما وأنه كانت هناك وعود قوية جدا للسيد الرئيس خاصة بتطبيق الشريعة كان هو وحزب الإخوان يخاطبون بها ود كل الشعب المصرى وليس السلفيين . ونحن لانطالب تطبيق الشريعة التطبيق المتعجل ولكن نطالب تطبيقها بالتدريج .. المهم أن تكون هناك إرادة لتطبيق الشريعة. * لكن الدستور لا يحتمل فكرة التدريج ؟ - أنا أقصد أن توضع المادة نفسها ولكن فى تشريع القوانين نستغرق الوقت للتدرج فالدستور أبو القوانين نريد فيه نصا صريحا أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسي للتشريع ولما تمسكوا بكلمة مبادئ طلبنا تفسير الكلمة وقدم الأزهر تفسيرا مقبولا تماما لدينا بأن تكون المرجعية فى تفسير ذلك للأزهر. ولكن للأسف ومما يدمي القلب أن المؤسسة الدينية والمفترض أنها أكثر الناس مطالبة بهذا- وأقصد الأزهر- قد تخلت عن واجبها وتتراجع تحت ضغط العلمانيين . شيخ الأزهر والعلمانيين * هل تقصد أن شيخ الأزهر يخضع لضغوط العلمانيين ؟ - نعم يخضع ! وللأسف يلعب الإعلام دورا خطيرا فى زيادة هذه الضغوط بما له من سطوة وتأثير. وأنا أهيب بشيخ الأزهر وكذلك المفتى ووزير الأوقاف وجميع ممثلى المؤسسات الدينية أن يقفوا فى هذا الباب ويكونوا حائط الصد الأول لضمان تطبيق الشريعة ولابد من التأكيد على أنه لايجوز تشريع قوانين مخالفة للدستور. والأمر بسيط إما أن يريدوا مخالفة الشريعة وأن يطلقوا ذلك لمن يشاء وإما أن يريدوا منعه ولتقولوا بصراحة ما المانع فى وجود نص صريح بهذا المعنى إذا كانت تلك هى إرادة الشعب المصرى بل تكاد تكون أغلبية ساحقة من الشعب المصرى تريد هذا المطلب وربما يكون هو المطلب الوحيد الذى سيكون عليه الإجماع لو تم التصويت عليه وقد يفشل هذا الدستور إذا لم يحقق للشعب هذا المطلب ووقتها سنكون أحد المطالبين بالتصويت بلا لذلك الدستور إذا لم يصرح فيه بتطبيق الشريعة الإسلامية بشكل واضح وصريح . * لكن الناس تخشى التشدد فى تفسير الشريعة وما يتعلق بالحدود وخلافه؟ - الأمر سيكون بالتدرج وبما يطيقه المجتمع وقد لايتم التطرق إلى موضوع الحدود إلا بعد سنين طويلة ولكن المهم أن تكون هناك إرادة للأمرخاصة وأن لدينا إرادة شعبية جارفة لتطبيق الشريعة الإسلامية بمصر. * هل أنت واثق من هذه الإرادة الشعبية الجارفة ؟ ومن أين هذه الثقة ؟! - بالطبع هذه حقيقة بل إن الأحزاب العلمانية نفسها لاتستطيع أن تصرح بما تريده بل تصرح بالعكس وقد فوجئنا أيام الانتخابات بأحزاب علمانية تماما تطالب بتطبيق الشريعة فى لافتاتها وكان هذا من الطرائف التى صورتها الصحف . إذن هو لايستطيع أن يصرح أنه ضد الشريعة فيصرح بالعكس ويضلل الرأى العام ويعلن حرصه على المادة الثانية – المتعلقة بتطبيق الشريعة- وتمسكه بها بينما هو يخدع الشعب المصرى. * وهل ترى أن التيار الإسلامى سيتغلب على هذه القوى المعارضة ؟ - هذه القوى العلمانية قليلة جدا فى المجتمع المصري لكنها عالية الصوت ولها تأثير كبير فى بعض الأحيان لأنها تغير الأمور وتوصل للمصريين معنى مختلفا وتبث الرعب فيهم من تطبيق الشريعة. وللأسف هناك من يصف الشريعة بأنها لاتناسب المجتمعات المتمدنة الحضارية على الرغم من أنها شريعة مستمرة منذ أكثر من 14 قرنا وللأسف نقلت تصريحات كثيرة بهذا المعنى عن بعض المثقفين وهذا طعن وإذا أقيمت على الإنسان الحجة وكان متحققا مما يقول ويعرف تبعاته فلابد أن تكون هناك أحكام ضد هذا المسلك . حرية الإبداع * هل يمكن أن يأتى اليوم الذى نرى فيه الإسلاميين يعاقبون أصحاب مثل هذه التصريحات وغيرهم ممن يمارسون حرية الإبداع والفن والكتابة ؟ - بالنسبة للحريات فى مجتمعنا الإسلامى فهى حريات منضبطة بالشريعة الإسلامية . لذلك ونحن نكتب باب الحريات فى الدستور المصرى تم إضافة جملة «بما لا يخالف الشريعة الإسلامية « وقد أثارت اللغط المعتاد وهذا يدل على أن أولئك الناس حساسون جدا لإضافة أى بند من شأنه أن يضع ضوابط شرعية. * المشكلة فى تفسير مفهوم الشريعة ؟! - نحن لم نقل بما لا يخالف رأى السلفيين ولا المفتى ولا شيخ الأزهر وإنما قلنا الشريعة الإسلامية وهى معروفة ولانريد أن نجد من يسيء للرسول الكريم ويهين المقدسات ونتركه بحجة الحرية الشخصية فهذا مرفوض ونحن نطالب بحدود وقيود وهى موجودة فى كثير من المجتمعات الأخرى تحت مسميات كثيرة منها قيود ثقافية أو تقاليد وأعراف مجتمعية بينما نستحي نحن أن نقول أنها قيود شرعية رغم أن ثقافتنا وبيئتنا تتوافق معها . لكننا فى المقابل لن نصادر على مفهوم ولا رأى فيما لا يضر به الآخرين . وللأسف هناك موازين مختلة فى طريقة التعامل مع الآراء تختلف بين موقف وآخر فعندما أنكر المفكر الفرنسى جارودى موضوع محارق اليهود قامت الدنيا وتعرض للعقاب ولم يقولوا وقتها أنها حرية رأى على الرغم أنها مسألة لاتتعلق بالدين وإنما بقضية تاريخية سياسية بينما نرى الموقف مختلف حينما يساء إلى الرسول الكريم وإلى الدين الإسلامى حيث يتشدقون حينها بحرية الرأى إذن هناك إزدواجية فى معايير التعامل مع الآراء . حزب النور * ولكن تصريحات أعضاء حزب النور دائما ما تثير القلق والخوف فمتى تتغير لهجة الحزب الترهيبية فى مواجهة الشعب؟ - أنا غير موافق تماما على هذا الأسلوب المتشدد فى التصريحات إنما أرى أن الدعوة إلى الله تعالى تكون بالحكمة والموعظة الحسنة وحتى مع المخالفين تكون المجادلة بالتى هى أحسن وهذا هو المنهج القرآني والمنهج السلفي الحقيقي . * لكن الواقع غير ذلك وقد رأينا هناك حالات لأشخاص يطبقون الحدود بأيديهم ويحدثون الرعب والفوضى فى مجتمعاتهم تحت اسم تطبيق الشرع ؟ - للأسف هذا ما نسميه التشويه الإعلامي لإحداث فزاعة وبتتبع تلك الوقائع ,لم يوجد فيها أثر لسلفيين إنما قد تكون الواقعة من البداية مختلقة أو مثارة بصورة غير صحيحة وهنا يأتى دور التخويف الذى يمارسه الإعلام الذى إحترف هذه المسألة ضد الإسلاميين . بل إن الإعلام كان ممنهجا فى فترة معينة للسخرية من رموز الإسلاميين والشيخ الأزهرى والمأذون مثل سخريتهم من مدرس اللغة العربية . * هل يمكن التحكم لمنع هذه الأمور فى المستقبل على الشاشة ؟ - طبعا و لابد ! * هل تشعر بتأثر شعبية حزب النور فى الشارع المصرى خاصة بعد ما حدث من مشاكل داخلية وانقسامات حول منصب رئيس الحزب؟ وماذا تتوقع له فى الانتخابات البرلمانية المقبلة ؟ - إن شاء الله أتوقع نتائج طيبة خاصة وأن ما يمر به الحزب من مشاكل داخلية سحابة صيف تمر سريعا . * هناك من يرى أن مشاكل حزب النور مدبرة ؟ - قد يكون بعض مشكلات حزب النور يغذى من جهات خارجية وبعضها يتم تضخيمه إعلاميا ولكن نأمل أن ينتهى كل ذلك سريعا . * هل تتوقع أن يحصل الحزب على نفس الأصوات التى حصل عليها فى الانتخابات الماضية ؟ - ولم لا يحصل على عدد أكبر ! إن شاء الله سيحصل الحزب على أغلبية برلمانية لأنه حزب واضح لا يتلاعب بالجمهور ومتوافق مع هويته الإسلامية . المقاومة السورية * هل تؤيدون فى حزب النور إرسال جيش عربى لسوريا ؟ - الدخول بجيش عربى سيحدث مجزرة وأنا ضد التدخل والأفضل أن نتكلم عن ضغوط سياسية واقتصادية ودعم للمقاومة بالسلاح والشعب السورى قادر على انتزاع حقوقه كغيره من الشعوب العربية . * ما موقفكم كسلفيين مما يتردد عن ضرورة تعديل كامب ديفيد؟ - مما لاشك فيه أنه برغم من معارضتنا السابقة لاتفاقية كامب ديفيد باعتبار ما بها من إجحاف كبير ليس لحقنا فقط كمصريين وإنما أيضا للقضية الفلسطينية لأنها هى التى أضعفت القضية الفلسطينية . إلا أن المسألة بالنسبة لنا ليس تقسيم سيناء إلى أ ، ب ، ج لكن المسألة هى أن هناك شعبا اغتصبت أرضه وأنه لابد أن يسترد حقوقه ليحيا حياة كريمة وإذا لم تقف مصر وباقي العرب والمسلمون فمن يقف! فلابد أن تظل هماً لنا دائما حتى تحل !