تباطؤ يصاب به النمو في عدة اقتصادات متقدمة وأسواق صاعدة كبرى كالصين ومنطقة اليورو والولايات المتحدة في هذا العام، بينما سيظل متماسكا في كثير من مناطق العالم كالهند وأجزاء من أفريقيا جنوب الصحراء، كما جاء في تقرير «الراصد المالي» لصندوق النقد الدولي، الذي أكد أن ارتفاعا يحيط بمخاطر التطورات السلبية كتلك الناتجة عن التوترات التجارية العالقة، سببها الضبابية في السياسات العالمية وتقلب الأسواق المالية. وهناك الدين العام الذي لا يزال مرتفعا في الاقتصاديات المتقدمة، كما ارتفع في اقتصاديات الأسواق الصاعدة والنامية. ما دعا اقتصاديات كبرى تتحول إلى تطبيق سياسة المالية العامة التوسعية مثل الصين ومنطقة اليورو والولايات المتحدة، كذلك تسبب تضييق الأوضاع المالية والمخاوف المتعلقة بمدى استدامة أوضاع المالية العامة إلى رفع تكاليف الاقتراض في الاقتصادات المتقدمة المعرضة للمخاطر، والأسواق الصاعدة، ومعها الواعدة. تلك الإرهاصات الاقتصادية المتباينة تعكس تذبذبا بدأ يتسرب إلى أسواقنا الصغيرة النامية، التي تحدق بها مخاطر مالية، يمكننا أن نلاحظها من خلال هجرة الاستثمارات من السوق. الأزمة عالمية والأسواق كلها متأثرة ولكن باختصار فإن الأسواق النامية التي ننتمي إليها تحتاج إلى أن تؤسس لبيئة استثمارية صلبة كما فعلت الهند تمنع هجرة الاستثمار بل وتشجع عليه. فالاقتصاد الهندي يحتل اليوم المركز الخامس على مستوى العالم، وهذا الاقتصاد يستقطب استثماراته بناء عدة عوامل رئيسة فهو ينفق بسخاء على البنى التحتية والأساسية والمرافق العامة، إذ بلغ حجم الاستثمارات خلال عقد نحو 300 مليار دولار، بينما حاجة الهند للاستثمار في البنى التحتية تصل ل5 ترليونات دولار، وبذا تم السماح لبعض الشركات العالمية للمشاركة، لعدم قدرة الشركات الهندية على الوفاء بالإستراتيجيات العالية التي تم وضعها. كذلك تم العمل على اتساع الطبقة الوسطى الهندية، التي ظهرت اليوم في الهند وقلصت من الطبقة الفقيرة والمعدمة، فوجود مثل هذه الطبقة يساهم كثيرا في أن تتوجه الشركات العالمية لسوق كبير مثل الهند به قوة شرائية قادرة على شراء منتجاتهم. في الحقيقة فإن الطبقة الوسطى اليوم تعد من أهم العوامل الجاذبة للاستثمار وذلك لأنها القوة الحقيقية للشراء في السوق. أما ما يميز الاقتصاد الهندي اليوم، الذي انفرد به دون سواه من الاقتصادات الواعدة، هو امتلاكهم تقنية المعلومات التي شكلت بيئة عمل ابتكارية لدى الهنود ساهمت في ظهور شركات التكنولوجيا كمشاريع صغيرة ومتوسطة، وبذلت الحكومة جهودا حثيثة لتشجع على نهضة هذا القطاع من خلال توفير بيئة تحتية خاصة بقطاع التقنية في الهند، وأسست له بيئة رقمية نافذة ولم تقف على ذلك، بل أخذت بيد المواهب الشابة وتبنتها وسهلت لهم إقامة المشاريع، كما قامت بإنشاء الكليات والمعاهد المختصة بهذا القطاع، واليوم باتت كل الخدمات التي تقدم في الهند تعمل بالتقنية الرقمية الحديثة، وهذا سر نجاحها.