القدرة الهائلة التي استطاعت أن تحول الصحراء إلى جنة صناعية عمرانية خضراء، لم تكن بمحض الصدفة أو بخطط بشرية مثبتة. بل كانت بمشيئة خالق عظيم قد كتب لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في هذا الزمن أن تظهر تلك الشفرة السحرية والكامنة بين صفائح شخصية قيادية، قد أخذت من الصحراء سعة رمالها وسهولة هضابها وصلابة ظروفها. لتبني حضارة تعانق السحاب تكونت من رمال صحراء قاحلة، بفضل من الله تعالى. فتلك الشفرة كانت تعيش في جسد وروح طفل صغير يسكن البادية، أجمل ما يراه سماء الليل ورمال النهار. فالصحراء بقساوتها والبادية بأحضانها قد ساعدت ذلك الطفل في توسيع مداركه العقلية وتوظيف الأدوات المحيطة به، ليُفكر بطريقة قيادية في كيفية إحداث نقلة نوعية في صحراء شاسعة لتشهدها البشرية. فما كان تفاوت الإدراك في العقل البشري إلا أن يدرك تماما ذلك العقل الواعي أن هناك شفرة قيادية متوارثة تنتظر -بعد أن يكتب لها الله تعالى- الظروف الملائمة لتخرج لنا قائدا ومؤسسا لدولة عظيمة. فشفرة القيادة الممزوجة بنعومة الرمال ولسعة عواصفها، قد استندت على عقول محنكة وقلوب قوية من قبائل وشعوب تتطلع لمجد عظيم وأمان للمسلمين.. الملك عبد العزيز آل سعود -رحمه الله- الذي استطاع بعقله الواعي وسياسته الحازمة أن يعين شعبا في حقبة زمنية صعبة تعاني من تقديس الجهل، على رؤية نور العلم. وأؤمن أن تلك الشفرة قد انتقلت عبر كروموسومات وراثية إلى أبنائه وأحفاده لتمتزج بتفاوت الصفات الشخصية وتخرج لنا بألوان قيادية لتتشكل بقوى سياسية واقتصادية وعمرانية وصناعية وعسكرية، تتلاءم مع كل زمان ومكان. حتى كتب الله تعالى لنا أن نرى هذه الشفرة ونعيشها في زمن الأب القائد، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- الذي رسم لوطننا دربا مزهرا لرؤية يتطلع لها أبناء الوطن وقادته، ليشاركوا بها في بناء دولة متجددة تُحاكي المستقبل بمجد الماضي وتراثه. شخصيا، أؤمن أن لكل إنسان شفرة سرية كامنة قد صنعت شخصيات عظيمة على مر التاريخ. قد أخرجت لنا العلماء والمخترعين والقادة وغيرهم ممن كان لهم أثر في البشرية.. فالشفرة البشرية الثابتة والفريدة من نوعها والتي صنعت مجد مملكتنا، قد تفتح لنا أبوابا جديدة بعد استخدام الوسائل العلمية والدراسات البحثية في اكتشاف علوم بشرية جديدة تختص بالشفرات السرية البشرية والتي تمتزج بظروف الحياة لتظهر بشكل أو بآخر في حياة البشر. أرجو من الله تعالى أن يجتهد الباحثون في مملكتنا في الأبحاث والدراسات بعمق ليُخرجوا لنا علما جديدا، يستخلص الشفرات البشرية المؤثرة التي قد تضاف كمادة علمية جديدة في مناهجنا التعليمية. لينتفع بها أطفالنا مستقبلا فتساعدهم على برمجة عقولهم على استخدام هذه الشفرات بطريقة أو بأخرى لإعمار هذه الأرض الطيبة والمباركة.