سؤال لا بد أن يجيب عنه كل أب وأم وهو: ما الذكرى الطيبة التي تريد أن تتركها في ذهن ابنك عندما يكبر؟ ولو كان بقربك الآن أبناؤك فاسألهم هذا السؤال وقل لهم: ما أكثر شيء تحبونه أو لا يعجبكم في شخصيتي؟ وقد طرحت هذا السؤال على المتابعين في الشبكات الاجتماعية، وكانت ردودهم كالتالي: قالت الأولى: ولدي قال لي أنا أحبك لأنه عندما يأخذ مني بابا لعبة البلاي ستيشن أنت ترجعينها لي. وقالت الثانية: قالت لي ابنتى أنا أحبك كثيرا عندما تحضنينني وتعبرين لي عن حبك. وقالت الثالثة: قال لي ولدي أنا أكثر شيء أحبه فيك جوالك، ثم علقت قائلة الصراحة جاني إحباط وما توقعت أن يكون هذا جوابه. وقالت الرابعة: قال ولدي يعجبني فيك أنك تطبخين لنا أكلا لذيذا، ولا يعجبني فيك أنك عصبية. وقالت الخامسة: صدمت من جواب ابني حين قال لي ما في شيء يعجبني فيك. وقالت السادسة: ابنى عمره 14 سنة وقال لي أنا ما أحب كلمات الدلع لأني صرت كبيرا. وقالت السابعة: ابنتى قالت لي أنا ما أحب صراخك. وقالت الثامنة: ولدي قال أنا أحبك حين تعطينني فلوسا، ثم علقت وقالت استغربت كثيرا من جوابه. وقالت التاسعة: قال ولدي إنه لا يعجبه خوفي الشديد عليه. وقالت العاشرة: قالت ابنتى إنك تتعبين في تدريسنا ولكن ما أحبك لأنك تصرخين علي أثناء التدريس. هذه نماذج لعشر إجابات من الأبناء للأمهات، وتلاحظون أن الأبناء صريحون مع أمهاتهم، وهذا مؤشر طيب يدل على حسن العلاقة بينهما، وهناك جانب إيجابي في هذا السؤال وهو أننا أخرجنا ما في نفوس أبنائنا وجعلناهم يعبرون عن مشاعرهم تجاه أمهاتهم، ففي كثير من الأحيان ومع زحمة أعمال الحياة لا نعطي فرصة لأبنائنا ليعبروا عما في داخلهم تجاهنا، وهذه الجلسات نحتاجها بين فترة وأخرى حتى نقوي العلاقة الوالدية ونزيد من قوة التواصل بين الأبناء والآباء، ففي كثير من الأحيان نحن نركز على عيوب أبنائنا وننتقدهم حتى نغير سلوكهم، ولا نعرف كيف تنظر عيون أبنائنا لنا وما ملاحظاتهم علينا. قرأت أكثر من ثلاثة آلاف تعليق علي هذا السؤال، وظهر لي أن أكثر شيء يزعج الأبناء ولا يحبونه في الوالدين هو (العصبية والصراخ)، ورأيهم هذا صحيح لأن التربية ليست لها علاقة بالعصبية، فالعصبية توتر العلاقة وتجعل الأبناء يهربون من والديهم، كما أن العصبية تفسد غرس القيم التربوية، لأن الوالدين يكونان قد خسرا أبناءهما بسبب العصبية، وإذا صار هناك توتر أو كراهية فإن العلاقة بين الأبناء والوالدين تتحول لعلاقة تحد وعناد وتوتر وصراع، فنكون بسبب العصبية خسرنا محبة أبنائنا وخسرنا تربيتهم، إن مثل هذه الأسئلة والحوارات مع الأبناء تقوي العلاقة وتزيد الثقة وتساعد على زيادة الصراحة والشفافية وتبني جسور المحبة بينهم، فهناك أوقات وأعمال لو عملها الوالدان مع الأبناء فإنهما سيعمقان المحبة بينهم، وتجعل أبناءك لو كنت أبا يرونك أفضل أب بالعالم، ولو كنت أما تكونين أفضل أم بالعالم، وهي أولا فتح الحوار معهم وطرح أسئلة تعبر عن مشاعرهم مثل السؤال الذي ذكرناه لكم، وثانيا أن تخصص وقتا للمرح واللعب معهم، وثالثا أن تعمل لهم مفاجآت مثل ذكرى يوم ميلادهم أو في مفاجأة العيد أو رمضان أو غيرها من المناسبات، ورابعا أن تخصص لهم وقتا محددا تعطيهم حريتهم ولا تضع فيها قيودا أو قوانين، وأن تمارس معهم الرياضة والضحك والحوار، وأن تمشي معهم، وخامسا أن تشاركهم العبادة كصلاة جماعة أو عمل عمرة أو توزيع الطعام على الفقراء، وأخيرا أن تقضي الإجازة معهم وتجعلهم يخططون لها.