الثغرات في العلاقات الأسرية لها أسباب كثيرة. قد يكون أحد أسبابها فجوة الاختلاف الفكري والسلوكي بين الأجيال. على سبيل المثال، بعض المراهقين يعانون من توتر وجفاف العلاقة مع آبائهم. وذلك بسبب تفاوت مستوى التفكير والقناعات التي تختلف باختلاف ظروف الزمان والمكان. ومع سرعة التطور بشكل عام، نجد أن قدرة الآباء على احتواء الأبناء تتناقص أو تكاد تنعدم بسبب قلة الوعي عند الآباء بكيفية احتواء أبنائهم فكريا وعاطفيا. ولأن المراهق يبحث عن الأمان بشكل عام، فإننا نجده يعاني في علاقاته الخارجية ليبحث عن صديق مخلص يستمع إليه ويتناقش معه بشكل يتناسب مع فكره وسلوكه ويشاركه اهتماماته. من هو المراهق وماذا يحتاج؟ المراهق هو ذلك الشخص الذي يبدأ في رحلة البحث عن نفسه في وسط بيئته ومجتمعه. وكأنه يريد أن يُشكل ذاته من جديد ليبني له كيانا داخل أسرته. ليصنع نفسه بنفسه ويعرف ميوله ورغباته وعليها يحدد اهتماماته وتوجهاته. لذلك فكأنه يحتاج إلى عصا ليتكئ عليها، وليبدأ رحلته الانتقالية من الطفولة إلى ما بعدها. فأول ما يبحث عنه المراهق، هو تلك العصا والتي تتمثل بذلك الصديق المنصت له والذي يشاركه جنونه وهفواته ويحتويه بعدة أشكال تتناسب مع رغباته غير المتزنة. وفِي نفس الوقت، يريده الموجّه العاقل الناصح الذي يسعى إلى تشجيعه ويشرف على إنجازاته. لكن وللأسف قد لا يتوفر هذا الصديق داخل المنزل في الغالب، لذلك قد يجتهد المراهق للبحث عنه في الخارج. وقد يدق ناقوس الخطر في هذه اللحظة.. بعض الآباء ينقصهم الإدراك الكافي لاحتياجات أبنائهم المراهقين وذلك بسبب عدم قدرتهم على فهم سلوك وطريقة تفكير أبنائهم. وهذه الأسباب نتيجة لقلة الوعي عند الآباء الذين يعاودون ممارسة طرق ومناهج التربية التقليدية القديمة. بالرغم من أن طرق التربية بشكل عام تختلف باختلاف الزمان والمكان. ففي هذا الزمن، يحتاج الآباء لاستيعاب أن للتربية روافد خارجية أخرى ناتجة عن تطور العلوم وقد أصبح لها دور كبير في تغيير سلوك وأفكار الأبناء سواء بشكل سلبي أو ايجابي. وليتجنب الآباء حدوث التأثيرات السلبية لأبنائهم، عليهم أن يجتهدوا للوصول إلى مرحلة الصداقة مع أبنائهم والتي يبحث عنها المراهق. قد تكون مهمة صعبة على بعض الآباء، لكن في سبيل الحصول على صداقة الابن قد يتطلب الموضوع اجتهادا مضاعفا من الآباء. فالمراهق لا يحتاج في هذه الفترة إلا لأب صديق ليمارس معه طقوس مراهقته بدون تخوف أو هجوم أو تردد. ليخرج رغباته الطائشة والمتهورة أمام صمام الأمان، ذلك الأب الصديق الموجه لرغبات ابنه والمشرف على أفعاله الطائشة. فذلك سيساعد المراهق على تقليص حدوث نسبة خطر المراهقة على الابن والانحرافات في هذه الفترة. عزيزي الأب... كن صديقا لابنك المراهق، فحاجته لك كحاجة الشجرة المثمرة للماء.