نصح تربويون الآباء والأمهات بضبط الأعصاب والتصرف بحكمة، عند تورّط أحد أبنائهم مع عصابات التطبيقات الحديثة والألعاب الإلكترونية المنحرفة فكريا وأخلاقيا. وأشاروا ل «اليوم» ضمن ملف الشهر الحادي عشر «تطبيقات الجوال والألعاب تستدرج الأطفال.. الإهمال يغتالهم»، إلى أهمية الحوار والتوعية والنقاش الهادئ مع الطفل لإنقاذه من هذا المأزق. وقالت هيفاء البشير -مديرة إدارة نشاط الطالبات بإدارة التربية والتعليم بالأحساء-: دور الأب يكمن في ضبط أعصابه أولا ومعاملة الابن معاملة الطفل المغرر به، الجلوس معه وفتح النقاش من باب التوعية والتنبيه دون أن يبين له علمه بانخراطه في هذه التطبيقات المنحرفة. وأضافت: إحساس الطفل بحب الأب والأمان قد يشجعه على الاعتراف بذلك، وبهذا يقطع نصف مشوار العلاج، وبعد ذلك يلجأ الأب لطبيب نفسي متخصص بعلاج الأطفال ليساعده في الأخذ بيد الابن إلى بر الأمان. وتستطرد البشير بقولها: لابد للأب أن يكون قريبا من أبنائه، يشاركهم تفاصيل حياتهم، يفرض حماية على أجهزته، يراقب عن بُعد الجوال، يمنع أبناءه من وضع كلمة سرية أو على الأقل يكتشفها حتى يتمكّن من الاطلاع عليه، يرسل رسائل نصح لهم بين فترة وأخرى، وقد ينتهي الأمر دون التدخل المباشر من الأب مما يحفظ الثقة بينهما ويزيح التوتر في علاقتهما لاحقا برفع الحرج في حال استمرار الموضوع ولم يخبر الابن أباه عن إضافته في مثل هذه التطبيقات المنحرفة، وكان من طبيعة الطفل التفهّم والتقبّل أو أن الأمر متقدم ويتطلب تدخلا مباشرا يصارحه بأنه يعلم باشتراك الابن في أحدها، ويسأله عن الأسباب التي جعلته يقبل التواجد فيها، ويخبره عن مضار هذه التصرفات، وبعد اقتناع الابن بأن هذه البرامج سيئة يطلب منه كسر الشريحة ويحضر له رقما جديدا ويعطيه بعض الشروط والضوابط لاستخدامها لحمايته لا لعدم الثقة به، وبين فترة وأخرى لابد من النقاش مع الأبناء في هذه الأمور وترك مساحة من الراحة ليتحدثوا بانفتاح. وتشاركها في الرأي حمامة الزهراني -المعلمة ومنسقة الصحة- بقولها: للأب والأم دور كبير عند اكتشاف أن أحد أبنائهم غُرّر به بمواقع منحرفة أو إباحية، مضيفة: عليهما التأنّي وعدم الاندفاع للعقاب، بل يجب مناقشة الابن أو البنت ومحاورتهما حول الموضوع بشكل إيجابي وذلك بإيضاح حرمته من حيث العقيدة ونصحهما بعدم متابعة مثل هذه المواقع، وأن من وضعها يريد النيل من أبناء المسلمين، وأن هؤلاء القائمين عليها هم غير أسوياء، وكذلك توجيههم إلى كيفية حماية أنفسهم بزيادة الوعي الديني ودمجهم في أنشطة اجتماعية وثقافية لشغل أوقات فراغهم بما يفيدهم، وكذلك يمكن للأب والأم وضع برامج حماية في أجهزة ألعاب من هم صغار لا يعرفون كسرها، وكذلك مراقبة ما يتابعون باستمرار. وتبين أمل المسلم -الأخصائية الاجتماعية- بقولها: إذا وقع الابن في هذه المشكلة فحلها ليس بالسهل كما يتوقع البعض لأن الدخول على مثل هذه المواقع يسبب إدمانا؛ فلا ينفع التوبيخ والتأنيب لأنه يستطيع استمرار الدخول عليها من أجهزة أخرى، لذا لابد من احتواء الأب لابنه والتحدث معه بكل عقلانية، ومعرفة مدى حجم المشكلة وعدد المواقع أو التطبيقات الحديثة، والوقت الذي يقضيه الابن في خلوة، وبالتالي لابد من استشارة أخصائيين نفسيين لأنه قد يحتاج لعلاج وجلسات نفسية لفترة من الزمن مع المراقبة من الوالدين وشغل وقت فراغه بأنشطة بديلة وإشراكه بأندية رياضية وحلقات ذكر ليتخلّص مما اعتاد عليه من سلوك خاطئ، وأضافت المسلم: فلابد من مراقبة الأبناء وعدم تركهم لساعات طويلة في خلوة مع هذه الأجهزة، ففي كل برامج التواصل الاجتماعي يوجد -للأسف- مثل هذه المجموعات التي تدعو للجنس، فقد أصبحت الأجهزة قنابل موقوتة على الصغير والكبير أيضا إذا لم يحسن استخدامها، ولابد من محاسبة النفس وعدم الوقوع في شباك هذه المجموعات التي تدعو للرذيلة واستبدالها بمجموعات مفيدة تدعو لخير الدنيا والآخرة. ويبيّن لنا صلاح علي الخوفي قائلا: أولا يتم سؤال الابن عن هذه التطبيقات الحديثة وماذا يعرف عنها؟ ثم يُسأل الابن عن هذه البرامج وهل يؤيد المشاركة فيها؟ وبعد تقريره خطورتها يطلب منه وضع الآلية المناسبة للابتعاد عنها والتشهير والتحذير منها. ثم يتم شغل وقت الابن بالمفيد كمرحلة علاجية والقرب منه، ويُطلب من الابن المساهمة في توعية الآخرين من الوقوع في مثل هذه التطبيقات الحديثة، ويراجع ولي الأمر واقعه هو ويبحث عن جوانب التقصير ويحاول إصلاح نفسه فهذا ينعكس على الأبناء ويعطي الابن فرصا للتعديل والتحسين مع التلويح من بعيد بالعقوبات في حال عدم الاستجابة للتوجيهات. وينبّه الابن على مصير الأبناء المحتمل فيما لو سلكوا طرق الغواية والعكس بذكر سير الأبناء الناجحين والمحافظين والإكثار من الدعاء بصلاح الذرية. وتشاطرهم في الرأي فاطمة آل بريك -أخصائية اجتماعية- قائلة: تُبنى ذات الفرد وتتكون بتفاعله مع البيئة الخارجية، بالإضافة إلى القيمة التي يعطيها للأشياء والأمور، حيث يصنّف خبراته إلى الذاتية والتي يختزنها، وتلك لا علاقة له بها فيتجاهلها، وتلك التي لا تتفق معه يرفضها، وبناء عليها فإن السلوك في معظم المواقف المختلفة لابد أن يكون متناسقا مع المفهوم عن الذات ومدركا لها. والتحرش بالأطفال واستغلالهم مشكلة من المشاكل الخفية التي ترتبط بالذات لأنها غالبا ما تحدث دون وجود رقابة؛ لذلك نجد أن العالم «البورت» يعرّف الذات بأنها الصفة والخلق وحقيقة وجود الإنسان، وهي تميّز كل فرد عن آخر، وهي المحصلة الهامة لكل الدوافع والعادات والاهتمامات والميول والآراء والمعتقدات سواء الموروثة منها أو المكتسبة، وكلها تنعكس على سلوك الإنسان وتفاعله مع البيئة. وأضافت آل بريك: وتتطور الذات تدريجيا باختلاف سنوات النمو حيث إن الفرد يتعامل مع محيط اجتماعي متغير بصورة دائمة وما يكسبه الطفل من ميول واتجاهات تبني شخصيته على أساسها، فنرى الخطر يكمن أثناء تعرّض الطفل للاستغلال أو التحرش بعمر مبكر، وفي الوقت الذي لا يوجد توجيه أو رقابة مما يجعل سلوكه في هذه المواقف عبارة عن سلوك أو نشاط ويكون موجّها إلى هدف معين لإشباع حاجاته بالطريقة التي يمكن أن تحدث حوله كاستغلال أو تحرش بأي طريقة أو وسيلة كانت. وبيّنت آل بريك قائلة: بالطريقة التي فهمها وأدركها من خلال استغلاله بالوقت الذي تم استغلاله فيه، لذلك كما سبق وأشرت إلى أن تفاعله مع البيئة الخارجية له الدور الأكبر في ظل غياب الرقابة، ووجود مجموعات وعصابات تستغل هؤلاء الأطفال، ويجب في البداية أن ننمي الرقابة الذاتية من خلال اتباع تعاليم ديننا الحنيف بتربية الأبناء، بالإضافة إلى القيم والعادات والتقاليد بمجتمعنا الإسلامي الذي يختلف كل الاختلاف، ولله الحمد، عن الدول الأخرى التي لا يحكمها دين ولا شرع، في الوقت الذي أصبح التواصل معهم سهلا ومتاحا بالوسائل الإلكترونية التي يكاد لا يخلو بيت منها، وغالبا فإن من يستغل الأطفال هم أشخاص لهم تاريخ سابق من التحرشات الجنسية، بالإضافة إلى وجود تاريخ إجرامي سابق، هذا غير انخفاض تقدير الذات لديهم، فنجد أنهم أشخاص لا يعون ولا يقدّرون ذواتهم، بالإضافة إلى وجود تاريخ سابق من الأمراض النفسية، فمن يستغل هؤلاء الأطفال نجد أنهم يتميزون بصفات تجعلهم يسيطرون على هؤلاء الأطفال بعد جذبهم والسيطرة على مداركهم الصغيرة. حيث نجد أن من صفات من يستغل الأطفال السلوك العنيف بشكل عام، ولا يظهر سلوكه العنيف الشرس إلا بعد السيطرة على فريسته، مع عدم القدرة على بناء علاقات حميمية في حياتهم الخاصة، وأيضا الاشتغال العقلي الكبير بالأمور الجنسية. وأبانت: نجد أن من يستغل هؤلاء الأطفال في حديثه لديه معتقدات عقلية تبرّر التحرش، ولا يخلو بل يكاد لا يستطيع التحكم في ذاته، ويستمتع من يستغل الأطفال بالبحث وإزعاج الآخرين وإهانتهم بعد جذبهم والسيطرة عليهم، بالإضافة إلى أنه قد يكون عانى خللا نفسيا ومنه أمراض الفصام/الشيزوفرانيا، ويُعرف مرض انفصام الشخصية بأنه مرض ينتج عن اضطراب نفسي حاد ويصيب شخصا واحدا بين كل 100 شخص على مستوى العالم، وتزداد احتمالية الإصابة به للضعف بين الأشخاص الذين يتعاطون الحشيش. وتستطرد في حديثها: وبينما لا تزال أسباب المرض غير معروفة للأطباء بشكل واضح، إلا أن العديد من البحوث ترجع أسباب المرض إلى عوامل جينية ونفسية وبيئية تصاحب المريض وتسبب في إصابته بالمرض. لذلك يجب أن نعي وندرك كآباء ومربين خطورة من يستغل هؤلاء الأطفال، خاصة من يستغل هؤلاء الأطفال وهو تحت وطأة الأمراض النفسية. ويجب أن نتجنّب من يستغل ويتحرّش بهؤلاء الأطفال جنسيا، وذلك بعدم وضع عنوان للمنزل في أماكن عامة من أي نوع، وعدم وضع بيانات شخصية مثل عنوان المنزل أو رقم الهاتف على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مفتوح وعام، والانتباه لتصرفات الأشخاص الذين يعتبرهم الأطفال قدوة، عدم ممارسة أي فعل ينطوي على التحرّش بفتاة أو سيدة أمام طفل حتى لا ينجرف ويستحسن الفكرة في حالة تعرّضه لتحرش أو استغلال، عدم ترك الطفل لمشاهدة الأفلام التي تروج لسلوكيات التحرش، توعية الطفل بأهمية انتباهه في حال تعرّضه لأي نوع من الاستغلال والتحرّش، بالإضافة إلى توعية الأطفال بمدى انحطاط سلوك الاستغلال والتحرّش الجنسي وأهمية تجنّب ممارسته حتى لو على سبيل المزاح، وألا يسمح بدخول أشخاص غرباء للمنزل، وعدم فتح الباب للأشخاص دون التأكد من هويتهم، وعدم ترك الأطفال بمفردهم في المنزل لفترات طويلة في حال وجود مربين أو مساعدين يجب التأكد من عدم وجود أي سوابق جنائية لهم لذلك نجد من تعرّض إلى تحرّش واستغلال جنسي من الأطفال يتميز سلوكه بالآتي: تكون لديه نظرة سلبية لذاته، بالإضافة إلى انخفاض الثقة بالنفس، ويؤدي إلى تأثيرات سلبية مختلفة، هذا عدا خوف ملحوظ وتدهور مفاجئ في السلوكيات والمستوى الدراسي، صعوبة في التركيز والتعامل، النظرة التشاؤمية للنفس، وعند ملاحظة معظم هذه الأمور لدى الطفل يجب البحث والتحرّي حتى لا يتفاقم الأمر. وقالت: في حال ضبط الابن أو الابنة بتورّطه يجب أن تتخذ خطوات صحيحة وسليمة للحد من النتائج السلبية يجب الحصول على مساعدات نفسية متخصصة فلا نلجأ إلى مساعدة أو استشارة من هم ليسوا أهلا للاستشارة أو المساعدة بحكم القرابة أو الصداقة. وأشارت: عندما يكتشف الأب أن ابنه قد وقع في شباك التطبيقات الحديثة التي تستغل الأطفال جنسياً، فهنا يقع على عاتق الأب عدة أمور يجب عليه اتباعها حتى يستطيع من خلالها إنقاذ طفله من هذه التطبيقات الحديثة الخبيثة؛ وهي: أولاً البحث عن الأسباب التي دعت بابنه للانضمام لهذه التطبيقات الحديثة المشبوهة والشاذة، ثم وضع فرصة للتفاهم والتحاور وفتح المجال للسماع من الطفل عن هذه التطبيقات الحديثة وما لذي جرّه للوقوع في شباكهم، بعدها منع الطفل من الاستمرار في مثل هذه التطبيقات الحديثة واتخاذ الإجراءات اللازمة لوضع الحل المناسب مع المراقبة الدائمة له، وتحصين الأطفال من شرور الدنيا وأصدقاء السوء والعمل على استغلال أوقاتهم فيما يفيدهم مثل إدراجهم في النوادي ومراكز التحفيظ والمراكز التطوعية. وقالت مريم الفهيد: نسأل الله أن يقي أبناءنا من هذه الفتن التي تبحث عن صغار السن لتوقعهم في شباك الرذيلة ونحذر أولياء الأمور من ترك الحبل على الغارب لأطفالهم، فهم في أمسّ الحاجة لمن يرشدهم للسلوك الصحيح للتعامل مع الأجهزة الذكية، وأن يكون هناك فسحة من التشاور والتناقش بين الأبناء وآبائهم والصحبة حتى يتمكن الطفل من إخبار والده عن كل شيء يراه ويجده مناسبا أو غير مناسب ليكون والده في الصورة ويستطيع حل المشكلات قبل وقوعها، هذا بخلاف وضع حماية في أجهزتهم وعدم إضافة أو استقبال الغرباء أو التعامل معهم أو تبادل الصور، إضافة إلى وضع شروط وقوانين لاستخدام الأجهزة الذكية. واستدركت: :لو اكتشف الأب أن ابنه وقع في شباك تلك التطبيقات الحديثة السيئة والتي تستغل براءة الأطفال جنسيا لذا يتوجّب عليه أخذ الأمر بروية وتفاهم، ومن ثم العمل على دراسة المشكلة ووضع حلول جذرية مناسبة تبعد طفله عن تلك التطبيقات الحديثة، ومن ثم معالجته نفسياً من الآثار التي تسببت بها تلك التطبيقات الحديثة، بعدها وضع شروط وقوانين للتعامل مع تلك الأجهزة مع المراقبة الدائمة لتصرفات الأبناء». يجب معاملة الطفل كالمغرر به عند اكتشاف تورّطه مع برامج منحرفة لابد من وضع برامج حماية في أجهزة الأطفال ومراقبتها باستمرار اشتراط ضوابط خاصة لاستخدام الجوّال من أجل حماية الطفل