تنطلق يوم غد الأربعاء، أعمال مؤتمر «بروكسل 3» حول سوريا، بحضور ممثلين عن الدول والجهات المانحة، وبمشاركة الدول المضيفة للنازحين، ومن بينها لبنان الذي يستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين منذ بداية الأزمة. وينظر للمؤتمر باعتباره محطة مهمة للأوروبيين والدول المضيفة، فمن المقرر جمع مساعدات بمليارات الدولارات للنازحين السوريين. » اشتراط السلام والاتحاد الأوروبي الذي يعتبر أكبر مانح للمساعدات في العالم، يعتبر دعمه لإعادة إعمار سوريا متوقفًا على عملية سلام تقودها الأممالمتحدة لإنهاء الحرب التي قتلت مئات الآلاف وشردت ملايين السوريين. بدورها، تمارس روسيا الضغط على دول في الشرق الأوسط وأوروبا لإعادة الإعمار، وفيما لا تمانع إيطاليا والنمسا والمجر، إجراء محادثات مع سلطات دمشق من أجل السماح بعودة ملايين اللاجئين إلى وطنهم، ترى فرنسا وألمانيا وبريطانيا أنه لا يمكن منح أموال لسوريا بينما بشار الأسد على رأس السلطة، كما ترفض اقتراح استئناف الاتصالات الدبلوماسية مع النظام، وتدعو هذه الدول كذلك إلى تشديد قواعد المساعدات، بينما تقول المنظمات الإنسانية: إن الأسد يحول المساعدات إلى الموالين له. ويشهد لبنان حالة انقسام وغياب رؤية موحدة في التعامل مع ملف النزوح، منذ اندلاع الحرب السورية وتفجّر الأزمة، وهو ما جعل المقاربات الرسمية لطريقة معالجة قضية النازحين موضع خلاف بين القوى السياسية. » تحويل المساهمات وتكشف مصادر مطلعة ل«اليوم» أن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري سيتطرق في كلمته بالمؤتمر إلى عدم الإيفاء بتحويل المساعدات كافة للبنان، والتي سبق أن أقرت في «بروكسل 2»، سواء الوعود التي قطعت ولم تنفذ، أو لاستكمال بناء ما تم البدء به، كما سيطالب بمبلغ ملياري دولار للنازحين في لبنان، والتي أصبحت مناطقهم بحاجة إلى إعادة تأهيل جوانب عديدة من البنية التحتية التي تراجعت قدرتها بسبب التزايد السكاني الذي نجم عن النزوح السوري. » عودة النازحين ويوضح مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية سامي نادر، في تصريح ل»اليوم» أن جميع السياسيين متفقون على ضرورة عودة النازحين إلى سوريا، وأن تكون هذه العودة آمنة، إلا أن اختلاف وجهات النظر يكمن في نية البعض لاستعمال هذه الورقة لأغراض سياسية، والأساسي فيها هو التطبيع مع النظام السوري من جهة، ومحاولة الالتفاف على القرارات الدولية المتخذة بحق سوريا. وقال: إذا كان التطبيع مع النظام السوري يؤدي عملياً إلى عودة النازحين، فهنالك احتمال أن تقتضي المصلحة اللبنانية العليا وجود تنسيق مع السوريين، ولكن النظام حتى اليوم لم يتخذ أي إجراء عملي باتجاه تأمين عودة اللاجئين. » توافق دولي ويشدد نادر على أن هنالك توافقا دوليا لأن تكون العودة آمنة، وذلك مع وجود أكثر من مبادرة في هذا الإطار، مثل المبادرة الروسية بالإضافة إلى استعداد أوروبا للمساهمة من أجل تأمين عودة آمنة إلى الداخل السوري، ويساعد ذلك التوصل إلى تسوية سياسية، فهذا الأمر لم يعد بعيداً عن انتهاء المعارك العسكرية في سوريا، وهذا قد يسرع العودة والتسوية السياسية وإعادة إطلاق الإعمار. وأضاف: هنالك طرف لبناني يرى عدم الانتظار، وأرى أن جوهر المبادرة الروسية من الممكن أن يتطور إذا تزامنت مع مواكبة الجهود الأوروبية، فالسؤال: هل من الممكن أن تكون هنالك عودة قبل التسوية إلى بعض المناطق، أعتقد أن الطرف الروسي الذي لديه علاقة مع النظام السوري إذا لم يتمكن من تأمين العودة الآمنة، فلن يتمكن أحد من تأمينها.