«نحاصركم بمسرحيتنا وأوجاعنا.. همنا همكم.. هاجسنا هاجسكم.. غايتنا إسعادكم» بهذه العبارة انطلق الممثل سلطان النوة من خلف المسرح مؤديا مشهدا من مسرحية (النقيض) من تأليف عبدالرحمن المريخي الشخصية المحتفى بها في ليلة الوفاء بجمعية الثقافة والفنون بالأحساء، وشارك في العرض المخرج نوح الجمعان وفهد المحسن وإبراهيم الجنوبي. وشهد الحفل حضور وكيل محافظة الأحساء السابق خالد البراك ومحبي رائد مسرح الطفل في المملكة والخليج، وشاهدوا فيلما تعريفيا عن الفقيد ومسيرته بمحطات ثرية وتاريخية في المسرح خصوصا والكتابة عموما، حيث أعد مادة الفيلم سلطان النوة، ومونتاج هاشم المقهوي وإرشيف يوسف الخميس، وإشراف فني علي الشويفعي، وأنصت الجمهور بشجن لأغنية (ما أثّر عليك البرد) في رثاء الكاتب المسرحي عبدالرحمن المريخي، من كلمات الشاعر جواد الشيخ، وألحان عبدالرحمن الحمد، وغناء المطرب الشاب عباس بن صالح. » ريادة وإثراء وذكر عضو مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون عبدالعزيز السماعيل، أنه استفاد من مطالعته النصوص الخام للراحل المريخي، وتحدث عن موضوع ريادة مسرح الطفل منحازا للمريخي ورابطا موضوع الريادة بالاستمرار والأثر لا البداية فحسب، فقد كانت بدايات المسرح منذ فترة الخمسينيات من خلال ما كان يقدم في المدارس وتمثيل الطلاب ولكنها تجارب لم تستمر ولم تؤثر وتؤسس لجيل مسرحي استمر إلى غاية اليوم كما حدث مع تجربة المريخي. وتحدث رئيس قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك فيصل د. سامي الجمعان، عن ذكرياته مع المريخي، مشيرا إلى أنه تتلمذ على يديه، مؤكدا أن هذا الموضوع يحتاج إلى أدوات علمية بإخضاع ذلك إلى مجموعة من الباحثين ومرجحا في نفس الوقت ريادة المريخي وفق المعطيات، التي يمتلكها بسبق المريخي واكتمال أدواته المسرحية فاحصا منجزه المسرحي، الذي ذكر أنه لو تهيأت له نفس الظروف، التي تهيأت لسعد الله ونوس لأصبح لدينا ونوس آخر وهو المريخي. » ابتسامة خالدة الأمسية التي أقيمت تحت إدارة المخرج المسرحي نوح الجمعان، صاحبها على خشبة المسرح رسم بورتريه للمحتفى به بابتسامته الخالدة، التي أصبحت عنوانا للفعالية لتكون (ابتسامة لا تنطفي)، حيث قدم الفنان علي العرفج لعائلة الفقيد في نهاية الحفل البورتريه بلون العرفج المعتمد على الحرف، في لمسة لما يمتلكه الفقيد من سحر على صعيد الفن والحرف، فالمريخي لم يكن مخرجا مسرحيا فحسب، بل كاتبا يمتلك لونا خاصا في الكتابة المنطلقة من توظيف الموروث والانطلاق به نحو رمزية عالية، كما أوضح ذلك د. الجمعان معتمدا في كثير من نصوصه على السجع والنثر في بناء الحوار بين الشخصيات، أما كمخرج فقد انتهج منهج المدرسة البرختية وكسر الحاجز الرابع والتواصل مع الجمهور من مسرحية (ليلة النافلة)، التي شكلت البداية الحقيقية لمسرح الطفل بالمملكة والخليج، وتبعها (الحل المفقود) و(احتفالية أبي تمام) و(حكاية ما جرى) و(عم جمل) و(النقيض) وغيرها. وفي نهاية الحفل، قدمت زوجة المريخي (أم منذر) قصيدة شعرية تفيض بالذاكرة والشعور نحو عظم الفقد مقدمة شكرها لجمعية الثقافة والفنون بالأحساء على هذه اللفتة الغالية والمهمة.