جلست مع زوجة تشتكي من قيود زوجها وقالت: أريد أن أتحرر من قيوده وأطلب الطلاق، فقلت: وما هي قيوده؟ قالت: يريدني أن لا أخرج مع صديقاتي كل يوم، وأن لا أترك الأطفال مع العاملة، وكذلك يتحكم بطريقة ملابسي ومكياجي الذي أضعه على وجهي، قلت: قبل أن نحكم عليه لابد أن نعرف السبب الذي دفعه لمثل هذه الطلبات، قالت: ولكني عندما كنت في بيت أبي ما كان أبي يقيد حريتي مثل زوجي. قلت: أنت تعرفين أن الزواج يقيد حرية الزوجين وليس الزوجة فقط، ومن الخطأ أن تقارني بين والدك وزوجك، فالمقارنة خاطئة بسبب أن زوجك يراك رفيقة دربه وزوجته، بينما يراك والدك أنك ابنته وأنك جزء منه، قالت: لم أفكر بهذه الطريقة، قلت: والأمر الآخر لماذا زوجك يمنعك من الذهاب لصديقاتك؟ قالت: أنا متزوجة من عشر سنوات وعندي صديقات من أيام المدرسة، ولدينا جلسة أسبوعية بأحد المقاهي بمجمع تجاري، واكتشف زوجي أن بعض صديقاتي يدخن ويشيشن، فقال لا أريدك أن تذهبي لصديقاتك وتكتفي بالتواصل معهن عبر الهاتف، قلت: وهل أنت تدخنين معهن؟ قالت: لا، وزوجي يعرف أني لا أدخن، قلت: لا تنظري لطلبه بأنه يقيد حريتك وإنما انظري بأنه يحبك ويحب لك الخير ولا يريدك أن تتأثري بسلوكهم الخاطئ. قالت: ولكنه قيد حريتي، قلت: لو كان العكس وعرفت أن زوجك يجلس مع أصدقائه ويرتكبون ما يتنافى مع احترام الزواج، فهل تحاولين منعه أم تسكتين؟ فسكتت، فقلت لها: واضح أنك أنت وزوجك من أسرة محافظة وهو يحبك ويريد أن يحافظ على زواجه وأسرته، قالت: ولكنه قيدني، قلت: هل لوعرف والدك عن صديقاتك سيقبل؟ فسكتت ثم قالت: أنا حضرت دورة تدريبية والمدربة كانت تعلمنا مهارات تطوير الذات، ومن ضمن التطوير قالت لنا إن كل واحدة لابد أن تهتم بنفسها، وتركز على حريتها وتعمل ما يجعلها سعيدة بحياتها، وأنا صراحة اقتنعت بكلامها، قلت:أنت تعرفين أن للزواج قيودا لأنه ارتباط بين شخصين، مثل العمل، أليس في العمل قيود؟ قالت: نعم، قلت: فقيود العمل لتنظيم العمل ونجاحه وكذلك الزواج، ونحن كمسلمين لدينا دين وقيم وأخلاق وهوية وعادات وتقاليد لا بد أن نحترمها، فكلام المدربة مع احترامي لها خطأ، فهي تدس السم بالعسل، فللزواج نظام لابد أن يحترمه الطرفان حتى يستقر وينجح، دعيني أضرب لك مثلا في ابنك، فلو أردت الخروج لصديقاتك واكتشفت أن ابنك مريض أو جائع، وألغيت خروجك فهل تحكمين على ابنك لأنه كان سببا لمنعك من الخروج أنه قيد حريتك؟ فسكتت، ثم قالت أنا لم أفكر بهذه الطريقة، فقلت لها: إذن ليس كل منع عن الخروج قيدا للحرية، فلماذا حكمت على زوجك بأنه يقيد حريتك ولم تحكمي على طفلك بأنه قيد حريتك؟! ثم أن زوجك لو منعك من غير سبب واضح ومقنع لقلنا إنه قيد حريتك، ولكنه بين لك السبب واقترح عليك أن تتواصلي معهن هاتفيا. فلماذا أنت دائما مع زوجك تشاهدين نصف الكأس الفارغ لا المليان؟ أما طلبه الأخير بخصوص العاملة فإنه يريد أطفاله ينشأون نشأة طبيعية مميزة صالحة في أحضان أم حقيقية تعطيهم الحب والحنان الحقيقي، وليس بأحضان أم أو مربية مستأجرة تأخذ أجرا على حبها الصناعي وحنانها التمثيلي، وأنا أرى هذه نقطة إيجابية بزوجك، قالت: يبدو أني لابد أن أتحرر منك أنت كذلك، فأنتم الرجال كلكم عقولكم واحدة!! قلت: فكرى بما قلته لك ولا تستعجلي بالحكم على زوجك!!