أضحت الضرورة ماسة لوقف الزحف العمراني على النطاق الزراعي لمدن وقرى محافظة الأحساء، لا سيما أن الرقعة الزراعية تأثرت بالفعل من جراء الزحف بنسبة لا تقل عن 25% أي ما تعادل مساحته 40900 هكتار تقريبا، وإزاء ذلك فقد عمدت أمانة الأحساء مؤخرا إلى إعداد دراسة مفصلة طرحت في بنودها فكرة قيام مخطط إستراتيجي شبه إقليمي للواحة يمهد لإنشاء مدن وضواح سكنية جديدة تخدم كافة مدن وقرى الأحساء بمساحة 120 مليون متر مربع يكون من شأنها الحد من الزحف العمراني على النطاق الزراعي بالواحة، وتلك دراسة أقرت قيام 3 مدن جديدة هي مدينة الأصفر لخدمة بلدات العمران وجواثا والمبرز والقرى التابعة لها. والمدينة الثانية هي مدينة شرق العيون وتخدم بلدة العيون والقرى التابعة لها، والمدينة الثالثة هي مدينة شرق الأحساء الجديدة وتخدم الهفوف والجفر والقرى والهجر التابعة لهما، ومساحة المدينة الأولى تقدر بنحو 55 مليون متر مربع وتستوعب حوالي 250 ألف نسمة، ومساحة المدينة الثانية 25 مليون متر مربع وتستوعب 100 ألف نسمة، ومساحة المدينة الثالثة 40 مليون متر مربع وتستوعب نحو 150 ألف نسمة، ولا شك أن هذه المدن الثلاث التي يجري التخطيط لها بمعايير ومواصفات دولية من شأنها أن تخدم متطلبات فئات المجتمع الأحسائي المختلفة. كما أنها من جانب آخر وهو المهم سوف تحد من التعدي العمراني على المساحات الزراعية، وسوف تتحول إلى بيئة سكنية ذكية وآمنة وصحية، ولا شك أن تلك الدراسة التي انتهت إلى اقتراح إنشاء تلك المدن الجديدة تفسر الأسباب المنطقية والعقلانية التي نادت بوقف البناء على الأراضي الزراعية بالواحة، كما أنها تخدم الاختيار الدولي من قبل منظمة اليونسكو العالمية بتسجيل واحة الأحساء كموقع تراثي عالمي، والزحف العمراني سوف يؤثر سلبا على هذا الموقع فضلا عن تأثيره على النطاق الزراعي أيضا. لقد عرفت الواحة بهويتها الزراعية والأثرية، والزحف العمراني سوف يؤثر دون شك على تلك الهوية التي لا بد من المحافظة عليها واستمراريتها، فواحة الأحساء كما هو معروف تعتبر من أكبر الواحات الزراعية في العالم، حيث تبلغ مساحتها المزروعة حوالي 55000 هكتار، فالحفاظ على طبيعتها الزراعية يعني الاهتمام بالتنمية المستدامة في أراضيها لا سيما ما يتعلق بتنمية زراعة النخيل حيث توجد بالواحة حاليا 3 ملايين نخلة قيمتها الإنتاجية 120 ألف طن سنويا من التمور ذات الجودة الغذائية العالية. والمحافظة على التنمية الزراعية المستدامة في هذه الواحة الخضراء تمثل أهم سبب رئيسي من أسباب مقاومة التصحر، وهي مقاومة تستدعي الاهتمام بهذه التنمية على نطاق واسع، إضافة إلى أن المساحات المزروعة تقلل من ارتفاع درجات الحرارة وتحافظ على الأهمية الاقتصادية المنشودة لا سيما أن رؤية المملكة الطموح 2030 تبحث عن مصادر دخل جديدة غير النفط، وتمور الأحساء تعد مصدرا هاما من مصادر الدخل. ولا شك أن تلك المدن الجديدة وما قد ينشأ في المستقبل من مدن أخرى في هذه المحافظة تمثل الطريقة المثلى لوقف الزحف العمراني على الرقعة الزراعية بالأحساء التي لا يمكن تجاهل أهميتها في محافظة عرفت منذ قديم الأزمنة أنها سلة غذائية رئيسية لسكان المملكة وسكان منطقة الخليج، وقد استفادت من هذه السلة ولا تزال تستفيد العديد من الدول العربية والأجنبية، فالمحافظة على التنمية الزراعية بهذه الواحة أمر لا بد من التمسك به بالنواجذ. ويبقى الزحف العمراني على المساحات المزروعة بمحافظة الأحساء مشكلة يتوجب حلها عبر مختلف الجهات المعنية المختصة حفاظا على الطابع الذي اشتهرت به هذه المحافظة كواحة زراعية وكواحة تراثية أيضا.