عقب الإشادة التي تلقّتها أرضية ملعب «الجوهرة المشعة» من الأسطورة الكروية كرستيانو رونالدو نجم نادي يوفنتوس الإيطالي خلال إقامة نهائي كأس السوبر الإيطالي بين السيدة العجوز وميلان، عادت الانتقادات تطال أرضية الملعب الذي لا تكاد تقام عليه أكثر من مباراتين متتاليتين إلا وتظهر أرضيته بشكل سيئ للغاية، وبات الملعب الأجمل إقليميا محط العديد من التساؤلات حول سوء أرضيته التي يتذمّر منها اللاعبون والمدرّبون على حدّ سواء. » صورة سلبية ولم يقتصر الأمر فقط على سوء أرضية ملعب الجوهرة المشعة فحسب، بل أصبحت أرضية الملاعب الكروية التي تقام عليها المسابقات المحلية والخارجية للأندية السعودية مرتعا للإصابات وتجمّعا لمياه الأمطار وتراكم الطين والأتربة في مشهد مثير بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لتعكس بذلك صورة سلبية عن مدى جودة البنية التحتية للرياضة المحلية بالرغم من قوّتها وجودتها، بيد أن ذلك لا يعني شيئا إذا ما كانت أرضيات تلك الملاعب تظهر بهذا السوء بعد عدد قليل من المباريات. وقد يظن البعض أن مشكلة أرضيات الملاعب تعد أمرا صغيرا مقارنة بباقي المعضلات التي قد تعاني منها البنية التحتية للملاعب الرياضية، لكنه يعد أحد أبرز الملفّات التي يهتم بها الاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث قام الفيفا بإنشاء «اللجنة المنظمة لشؤون أرضيات الملاعب»، وذلك من أجل التحقق من أرضيات ملاعب الدول التي سوف تستضيف المناسبات والمنافسات الرياضية على أراضيها. » الملاعب الأوروبية قبل التطرّق إلى أرضية ملاعب الأندية الأوروبية وأرضية ملاعب بعض الأندية إقليميا، كان لا بد من الإشارة إلى أرضية بعض ملاعب المملكة في فترة سابقة، حيث كان بعضها يعدّ من الأفضل في المنطقة بشهادة العديد من الأسماء الكروية المهمة على مستوى العالم كاستاد الملك فهد الدولي بالرياض في منتصف الألفية وملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة. » إشادة سار ففي عام 2007، أشاد الحارس الهولندي فان دير سار بأرضية «درّة الملاعب» وذلك بعد إقامة مباراة اعتزال الأسطورة سامي الجابر، واصفا الملعب بشكل عام «بالنموذجي في كل شيء»، لكن كل ذلك تحول إلى أثر بعد عين، حيث أصبحت أرضية ملاعب الرياض وغيرها من المدن الرياضية مرتعا للإصابة بالرباط الصليبي والعديد من إصابات الملاعب الخطيرة التي يعود السبب الأول فيها إلى سوء أرضية ملاعبها الكروية. » عشب مثالي دائما ما يثير إعجاب مشجّعي كرة القدم جمال أرضية ملاعب أوروبا وخاصة تلك التي تظهر في المسابقات الأوروبية كدوري الأبطال والدوري الأوروبي، حيث يظهر العشب الأخضر بشكل مثالي يسهّل من عملية تمرير الكرة داخل الملعب ودون امتعاض من اللاعبين أو الأجهزة الفنية للأندية، بالرغم من اختلاف الأجواء المتكرر على مر السنة. فعند بداية الموسم الكروي، تظهر الملاعب الأوروبية في فترة الصيف بأبهى صورها، دون أن يكون هناك تجريح أو نقد حاد لسوء الأرضيات لديها. » أرضيات ضد الإصابات شهر يناير الذي يمثّل النصف الثاني من المنافسات الأوروبية نحو المنعطف الأخير لها، والذي يشهد تقلّبات جوية حادة كهطول الأمطار الغزيرة والثلوج بارتفاعات كبيرة، إلا أن مسألة تأجيل المباريات بسبب سوء أرضية الملعب تعدّ أمرا مستحيلا وذلك بسبب جودة العشب المستخدم في الملاعب الأوروبية الذي لا يتأثر بكميّات الأمطار أو الثلوج التي تهطل عليها، وكل ذلك يعود إلى أرضية نظام الريّ وتصريف المياه ونوعية العشب، حيث لم يسبق أن قام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بتأجيل أي مباراة بسبب سوء الأحوال الجوية في العشر السنوات الماضية سوى مرّة واحدة في موسم 2013، حيث قرّر حكم المباراة إيقاف مباراة غلطة سراي التركي ويوفنتوس الإيطالي بسبب هطول البرَد والثلج، قبل أن يستكمل اللقاء في اليوم التالي بشكل طبيعي. ولم يذكر أن لاعبا في الدوريات الأوروبية الكبرى تعرّض لإصابة مزمنة أبعدته عن الملاعب بسبب سوء الأرضية. » تعامل إيجابي بالرغم من أن أغلب ملاعب الأندية الأوروبية لا تكتفي فقط بممارسة رياضة كرة القدم عليها لتشمل رياضات أخرى كرياضة الرجبي والكريكت وغيرها من الألعاب الجماعية، إلا أن ملاعبها تظهر بأجمل صورة طيلة الموسم، فعلى سبيل المثال استضاف ملعب «ميلينيوم ستاديوم» عام 2017 العديد من الأنشطة بخلاف مباريات كرة القدم مثل الحفلات الغنائية ومباريات الملاكمة وسباقات السيارات ونهائي دوري أبطال أوروبا، دون أن تتأثر أرضيته بأي ضرر يذكر. ويعود كل ذلك إلى التعامل الإيجابي مع أرضية الملعب وجدولة الصيانة بشكل منتظم أو بما يعرف اختصارا (P.M.S) حيث يتم وضع جدول يوضّح عملية الصيانة المتّبعة لهذه الملاعب التي تبدأ منذ زراعة تلك الملاعب، مرورا بالصيانة الفورية لما بعد تمارين تلك الأندية والصيانة الفورية لقبل المباراة وبعدها. » الشتاء والصيف في فصل الصيف، تتم عملية المحافظة على عشب أرضية الملاعب عن طريق رش المياه بشكل منتظم ونسب متساوية على كافة أرجاء الملعب، بالإضافة إلى تعريض أرضّيتها للشمس بشكل نسبي ومنتظم أيضا لعدم تعرّض العشب الخاص بتلك الملاعب للجفاف. وفي فصل الشتاء، تتعرض تلك الملاعب للعديد من عمليات الصيانة من أجل المحافظة على أرضيات تلك الملاعب وعشبها لإقامة المباريات عليها دون أي ضرر، بالإضافة إلى تعرّض العشب للضوء عبر منظومة مكونة من كشافات كهربائية متطوّرة، كتلك التي تستخدم في التصوير السينمائي، والتي تقوم بنفس دور الشمس الطبيعية. » 48 ساعة وحول تغيير العشب المتكرر لتلك الملاعب، فإن غالبية ملاعب أندية أوروبا تقوم بتغيير أرضية الملعب مرّة كل سنة وبشكل دوري، وتحتاج عملية التغيير إلى 48 ساعة فقط!، وهو رقم يكاد يكون قياسيا مقارنة بما يحدث في ملاعبنا التي تتسبب بالعديد من الأزمات في أروقة اتحاد القدم بسبب تغيير العشب الخاص بتلك الملاعب لما يزيد على الأكثر من شهر، فما بين العشب الزراعي والعشب الصناعي تكمن أزمة الملاعب لدينا، وهو أمر بات محسوما لنظرائها من الملاعب في أوروبا، حيث تستخدم تلك الأندية في ملاعبها خليطا بين النجيل الطبيعي والصناعي، إذ يتم وضع الصناعي أولا كقاعدة من أجل عملية استكمال عملية نمو العشب الطبيعي الذي يوضع عليه. » حلول جذرية رغم أن الأجواء في المملكة حارة جافة معظم السنة، إلا أن التباين في تصاريح المسؤولين حول أسباب تغيير أرضيات الملاعب الكروية لا يزال محل العديد من التساؤلات، فلا توجد حتّى الآن إجابة مقنعة حول تغيير عشب ملعب الجوهرة المشعة لأكثر من 3 مرّات، غير أن إحداها كانت بسبب تردّي الأرضية المتهالكة بسبب دودة الأرض. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن ملعب نادي برشلونة «الكامب نو» يقوم بجلب العشب الخاص به من مدينة «لوند» بفرنسا التي تتميّز بزراعة العشب الخاص بالملاعب الرياضية، حيث تتواجد في هذه المدينة إحدى الشركات المتخصصة في هذا المجال تدعى «كوفر غاردن» وتتعامل مع أكثر من 20 ملعبا في أوروبا، حيث يعد عشب تلك المدينة الأكثر اخضرارا وجودة في العالم، ويعود كل ذلك إلى التربة الخاصة بتلك المدينة، حيث يتم نقل التربة قبل العشب إلى ملعب الكامب نو لإتمام عملية الزراعة هناك. » ملاعب الإمارات وحذت بعض الأندية في الإمارات حذو الأندية الأوروبية، حيث تعاقدت تلك الأندية مع أبرز الشركات العالمية من أجل توفير بيئة صحية لملاعبها وخاصة فيما يتعلق بحبة الكرز على تلك الكعكة المزيّنة بها مدنها الرياضية وهي أرضية الملاعب، فقد أشاد ممثّلو 23 منتخبا شاركت في نهائيات كأس أمم آسيا الأخيرة بجودة أرضيات ملاعب الإمارات، واصفين إياها بأنها «الأفضل على مستوى القارة».