يقوم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بزيارة هامة يوم الخميس المقبل للصين ضمن جولته الآسيوية التي تهدف لتعزيز قوة ومكانة المملكة على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، وهي زيارات تنسجم مع التحول الكبير الذي يقوده الأمير الشاب من خلال رؤية المملكة 2030 التي لا تقل أهمية عن المكتسبات الطبيعية التي حباها الله لهذا البلد مثل النفط وما أكدت عليه تلك الرؤية من تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط، كما أنها ذات نظرة شمولية لم تغفل تعدد الخيارات والبدائل، فهي خطة متكاملة للنمو والتطور وللاقتصاد والحياة الاجتماعية وتذكرنا بما حدث من نقلة وتغير شامل في دول مثل كوريا وسنغافورة والصين واليابان التي انبعثت في غضون سنوات قليلة حتى تسنمت الريادة العالمية. وتمتاز تلك التحولات المهمة في البلدان السابقة بوجود قائد ملهم لديه الرغبة والإصرار والطموح لتحويل بلده إلى مصاف الدول المتقدمة لتصبح علماً يشار إليه بالبنان، وهذا ما يسعى إليه الأمير الشاب محمد بن سلمان، الذي أكد مراراً على التحول الكبير الذي ينتظر السعودية بل والمنطقة بشكل عام من خلال تأكيده على أن الشرق الأوسط سيصبح أوروبا الجديدة بإذن الله. رؤية المملكة تتوافق وتنسجم مع أهم الخطط الاستراتيجية في العصر الحديث التي أطلقها الرئيس الصيني شي جينغ بينغ عام 2013م وهي مبادرة الحزام والطريق التي يؤيدها 65 دولة، وتستقطب ما يقارب 70% من سكان العالم، وتهدف لإعادة إحياء الممر الشهير تاريخيا «طريق الحرير»، الذي كان المسار لعبور البضائع الصينية للعالم، وتحديدا الحرير الذي تشتهر بإنتاجة والمتاجرة به الصين آن ذاك، ومازالت. فمبادرة الحزام والطريق جاءت لتنمية وتعزيز التبادل التجاري بين دول العالم المختلفة وخلق مسارات ممهدة لنقل البضائع وتعزيز التبادل التجاري والثقافي أيضا، وربط قارات العالم الثلاث أوروبا وآسيا وأفريقيا ببعضها البعض. هذه المبادرة جاءت استجابة لحاجة التنمية والتعاون بين الدول الآسيوية والأوروبية والأفريقية، فالصين لا تنوي العزف المنفرد، بل سيمفونية بمشاركة جميع الدول على مد «الحزام والطريق» وهي تدعو وتتمسك ب«3 تشاركات» كأساس ومبدأ لبناء «الحزام والطريق»، ألا وهي التشارك في المناقشة والتشارك في البناء والتشارك في الفوائد. موقع السعودية يعتبر منطقة التقاء لطريقي الحرير البري والبحري منذ القدم، وقد عبر عن ذلك معرض «طريق الجزيرة العربية.. روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» الذي أقيم في المتحف الوطني الصيني في الفترة الماضية تجسيدا حيا لمسيرة التواصل الصيني- السعودي. المملكة العربية السعودية والصين تتواجدان في قائمة ال 20 اقتصادا الأكبر عالميا، وتمثل هذه ال20 اقتصادا حوالي 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 70% من جحم التجارة العالمية. ولذلك أعتقد أن أهمية هذين البلدين وتقاطع رؤية المملكة مع مبادرة الحزام والطريق الصيني والقواسم المشتركة بينهما وقيام المملكة بتطوير مناطق مهمة ومدن اقتصادية في مواقع مميزة على طرق التجارة والملاحة العالمية كمشروع نيوم والبحر الأحمر يجعلنا متفائلين بمستقبل زاهر للعلاقة التجارية الاستراتيجية المشتركة ما بين السعودية والصين.