لماذا لا نستخدم سوى جزء ضئيل من قدراتنا الدماغية الكامنة؟. لقد قيل: إن معظم البشر لا يستخدمون إلا 10% من قدراتهم العقلية، ومع أن هذه النسبة لم يتم إثباتها بأبحاث ودراسات علمية، لكن الحقيقة أننا بالفعل لا نستخدم الإمكانات الدماغية بالقدر الكافي. ويرى بوزان Tony Buzan في كتابه العقل واستخدام طاقته القصوى، أحد أهم أسباب قصورنا في استخدام الدماغ هو غياب المعرفة الصحيحة لهذه القدرات وكيفية استخدامها، وبالتالي فإن فهما أوسع لبنية الدماغ وطريقة عمله قد يساعدنا على مواجهة هذه المصاعب والتغلب عليها، كما يساعدنا على تقليص الشعور بعدم الثقة. إن نتائج الأبحاث المتعلقة بنصفي الدماغ وبعلم الأعصاب عززت الاعتقاد بأننا نمتلك أسلوبين مختلفين ولكن متكاملان في معالجة المعلومات، أحدهما خطي (خطوة إثر خطوة) يحلل الأجزاء التي تتشكل منها الأنماط ويتم ذلك في النصف الأيسر من الدماغ، والأسلوب الآخر مكاني وعلائقي يبحث ويبني الأنماط وهذا يتم في النصف الأيمن من الدماغ، وهذا ما دفع خبراء التربية إلى استكشاف التطبيقات الصفية للأبحاث المتعلقة بنصفي الدماغ. وتعود هذه الأبحاث إلى العالم (روجر سبيرى) Roger Sperry قام وفريق من الجراحين في معهد كاليفورنيا التكنولوجي بإجراء مجموعة من العمليات الجراحية جعلت دارسة كل من نصفي الدماغ بمعزل عن الآخر أمرا ممكنا، وتوصل إلى وجود نصفين كرويين للدماغ أحدهما أيمن والآخر أيسر ولكل منهما وظائف محددة. ونادى علماء التربية بضرورة الاستفادة من نتائج علماء الأعصاب في تطوير إستراتيجيات تستند إليها وتساهم بشكل فعال في تكوين بيئة صفية غير محدودة الإمكانات، وكذلك تنشئة جيل قادر على حل المشكلات المستقبلية. وذلك من خلال تهيئة مواقف وخبرات تعليمية مرتبطة بالبيئة الصفية أو المحيطة بالمتعلم، إذ إن دماغ الإنسان تتغير خلاياه من حين إلى آخر في ضوء ما يتعرض له من ظروف وخبرات. مما يزيد من قدرات المتعلم على التعامل مع الأشياء بصورة أفضل، حيث تتجدد الخلايا الدماغية والعصبية من حين لآخر، وذلك طبقا لعمليات التعلم المكتسبة، بل إن الخلايا الدماغية والعصبية تتجدد كلما يفكر الإنسان ويكتسب أنماطا تفكيرية جديدة. كذلك توفير فرص التفاعل والتعاون مع الآخرين، فالمتعلم في بداية حياته تنمو قدراته التفكيرية عندما يتفاعل مع البيئة الخارجية بصورة كبيرة، ولذا فإن المعلم يستطيع أن يهيئ المتعلم ليتفاعل مع أقرانه في البيئة الصفية ويكتسب منهم أنماطا ذكائية وعلاقات اجتماعية تسمح بتوسيع سعة الدماغ وتطوره. ومما يتواءم مع نظرية الدماغ ذي الجانبين إستراتيجية التسريع المعرفي. Cognitive Acceleration Strategy وهي مجموعة من الأنشطة التعليمية، صممت بطريقة تجعل الطالب نشطا يحلل ويستنتج ويحل المشكلات من خلال إجراء التجارب، ومناقشة أوراق العمل مع زملائه، والتعاون معهم في الإجابة عن بطاقات العمل المرفقة مع أوراق العمل، وربط المعلومة العلمية مع الحياة العملية. وتهدف إستراتيجية التسريع المعرفي إلى: تنشيط الدماغ كله، إذ إنها تعمل على رفع مستويات النمو العقلي وتفعيل عمل الدماغ وتنمية التفكير بأنواعه المختلفة مثل التفكير البصري (الرسم والصورة)، والتفكير الناقد والتفكير الإبداعي. ومن الشواهد التربوية في التعليم النبوي استخدام الرسم البياني في التعليم كما يروي ابن مسعود -رضي الله عنه-: (خط النبي -صلى الله عليه وسلم- خطا مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خُططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا) رواه البخاري.