رغم أن الموت حق، وأنه مصير كل حي، وكل إنسان منا يؤمن بهذا في كل زمان ومكان؛ لأن الموت حق وحقيقة ترى في كل فرد وفي كل بيت وفي كل جيل، ولا ينجو من الموت أحد، ولا يبقى أحد على وجه الأرض، فالكل على هذه الأرض فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. ومع هذه الحقيقة المسلم بها لدى كل مؤمن يظل خبر الموت المفاجئ، إذا نزل بعزيز غال، أمرا يصعب استيعابه وامتصاص قوة صدمته، خاصة في أول وهلة تنتهي عندها رحلة إنسان في الدنيا الفانية لتبدأ أخرى، فالموت أولى رحلات دار الخلود، (كل نفس ذائقة الموت)، والبشرى من الله سبحانه كما قال جل ذكره (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون). لقد كان نبأ وفاة صاحب الذكر الطيب والسيرة المميزة والأخلاق المثالية السفير فهد بن عبدالله الرشيد -رحمه الله- الذي كان لذلك الحضور الكبير والجمع الغفير للصلاة عليه في جامع الراجحي خير الدليل على حجم المحبة والمكانة والسمعة العطرة التي كان يعرفها عنه كل من عرفه، فالناس هم شهداء الله في أرضه، والدليل على ذلك كثير، وفي رحيل (أبي عبدالله) خير دليل فهو لا يلبث وحتما سيظل في ذاكرة كل أهله وأصدقائه وجيرانه وزملائه ومحبيه وجميع معارفه. إن الفقد شاءت أم أبت العين فلا يمكنها أن تحبس دمعها ولا يمكن للقلب أن يمنع حزنه، فالإنسان ومهما طال به العمر والمقام في هذه الدار الفانية الدار الدنيا، فإنه لا بد من الرحيل يوما، فهو أمر حق وذكره قول الحق (كل نفس ذائقة الموت) فمنهم من يرحل ويرحل معه ذكره، ومنهم من يرحل جسدا ويبقى روحا بين أهله وزملائه وجيرانه وجميع محبيه، فهو وإن رحل بجسده تبقى مآثره ومكرماته التي نحسبها ولا نزكي على الله أحدا دلالة على أن الرجل قد رحل إلى دار النعيم جنات الفردوس الأعلى من الجنة بإذن الرحمن اللهم آمين، نسأل الله أن ينقيه من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس وأن يرفع درجاته في عليين وأن يرحمه رحمة واسعة ويغسله بالماء والثلج والبرد، فهو رجاؤنا لخير مرتجى وأعظم مأمول الرحمن الرحيم الحي القيوم، اللهم اغفر ل(أبي عبدالله) ولأمة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- أجمعين... اللهم آمين.