مما لا شك فيه أن الاقتصاد الرقمي أصبح حقيقة واقعة في جميع بلدان العالم ليس فقط في البلدان المتقدمة، بل حتى في البلدان النامية التي تعاني على المستويين الاقتصادي والاجتماعي؛ لأن الاقتصاد الرقمي يمثل الأداء والطريق لتحقيق التعادل والتميز والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، بما يقدمه من حلول في مختلف المجالات. ففي المجال الحكومي يساعد على سرعة اتخاذ الإجراءات والشفافية ومحاربة الفساد وتقديم الخدمات بصورة متعادلة ومتكافئة لجميع المواطنين، وعلى مستوى الأعمال والشركات يمثل الاقتصاد الرقمي عاملا مهما جدا في زيادة كفاءة الشركات ومستخدمي التكنولوجيا، وبالتالي أصبح الاقتصاد الرقمي نقطة جذب كبير للاستثمارات في خلق وظائف وتحقيق تنمية مستدامة. وهنا في المملكة، اعتبرت رؤية المملكة 2030 البنية التحتية الرقمية ممكنا أساسيا لبناء أنشطة صناعية متطورة، ولجذب المستثمرين، ولتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، لذلك ركزت الرؤية على ضرورة تطوير البنية التحتية الخاصة بالاتصالات وتقنية المعلومات وبخاصة تقنيات النطاق العريض عالي السرعة. ووضعت الحكومة برنامج التحول الرقمي ضمن أهدافها الرئيسة، وأصبحت الوزارات والمؤسسات الحكومية مطالبة بتحقيق متطلباته للوصول إلى الحكومة الإلكترونية الشاملة في ظل استثمارات الدولة الضخمة في التقنية، من أجل خلق بنية تحتية رقمية شاملة محفزة. ويبدو أن التحول الرقمي يمضي بصورة متسارعة ومتقدمة عن الخط الزمني المحدد له سلفا، ويظهر ذلك من خلال جهود وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات التي أخذت على عاتقها مسؤولية إطلاق واحدة من أهم المبادرات الرقمية المتخصصة للعالم العربي هي مبادرة (العطاء الرقمي)، وتهدف هذه المبادرة إلى نشر الثقافة الرقمية في المجتمع، وتطوير القدرات التقنية لدى الأفراد، ونشر الوعي الرقمي لدى الشرائح المستهدفة لتسهيل استخدام التقنية في قطاع الأعمال والشؤون الحياتية. ومن الإنصاف القول إن المملكة تعتبر واحدة من الدول الريادية في تطبيق مفهوم الحكومة الإلكترونية، من خلال الأنظمة الرقمية المتعددة التي أنجزتها منذ فترة طويلة وتعمل على تطويرها باستمرار، خاصة تلك المرتبطة بالإنسان واحتياجاته ومعاملاته، سواء الحكومية أو غيرها. وقد شكل نظام «أبشر» منصة للتعاملات الإلكترونية الشاملة للمواطنين والمقيمين على حد سواء، وهو فريد في حجم وكم الخدمات التي يقدمها، وتحوله إلى قاعدة تحتية لمجموعة من البرامج الإلكترونية الموازية المرتبطة بالقطاعين الخاص والحكومي كنظام تأجير السيارات، وبرنامج إيجار والبرامج العدلية، والتجارية. وفي الجانب المالي، تمكنت وزارة المالية من إنشاء منصة إلكترونية شاملة لخدمات وزارة المالية المقدمة للجهات الحكومية والقطاع الخاص، ومنها إدارة العقود والميزانية والمدفوعات والمنافسات والمشتريات والحقوق المالية. إن تحسين جودة الحياة بكل تفاصيلها، ومواكبتها للعصر هدف سامٍ تعمل الحكومة على تحقيقه وفق الرؤية الريادية والرائدة المملكة 2030، والتي بدأت ثمارها تظهر للعيان بوضوح.. وللحديث بقية.