كشف مجلس الضمان الصحي التعاوني عن استقباله 22157 شكوى تتناول الخلافات بين شركات التأمين ومقدمي الخدمة الصحية، منذ يناير 2018 وحتى نهاية سبتمبر من العام نفسه، منها 18739 شكوى ضد شركات التأمين. عادا ارتفاع نسبة الشكاوى إلى زيادة مستوى الوعي بالحقوق التأمينية للمؤمّن لهم، وتطوير إدارة خدمات العملاء، إلى جانب تفعيل قنوات الاتصال الخاصة بالمجلس كافة. في المقابل، انتقد مستشارون قانونيون وثائق التأمين الحالية، مشيرين إلى أنها أشبه ما تكون بعقود إذعان ألزمت بعض الأنظمة المختصة المستفيدين بضرورة التأمين لدى الشركات المعتمدة دون وجود نظام أو هيئة أو مرجعية موحدة تلزم شركات التأمين بتقديم خدمة راقية أو ذات جودة عالية، ويستمر الجدل بين مستشفيات وشركات تأمين، من خلال اتهام الأخيرة للمستشفيات باستغلالية التأمين لصرف علاجات وتحاليل وأشعة دون حاجة بهدف التكسب المادي، في حين تؤكد المستشفيات رفض التأمين علاج مرضى والتأخر بإرسال الموافقات. »المخالصة محور للخلافات أوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس الضمان الصحي التعاوني ياسر المعارك أن المجلس يستقبل شكاوى متنوعة تتناول الخلافات بين شركات التأمين ومقدمي الخدمة الصحية، مشيراً إلى أن محور الخلاف يتمثل في عدم الاتفاق على المخالصة النهائية الخاصة بالمطالبات المالية بين الطرفين، وتشمل بعض هذه الشكاوى الممارسات الخاطئة، التي يتم رفضها كمطالبة تأمينية، وبلغ عددها 51 شكوى. وعن وجود وثيقة أخلاقية يوقّع عليها الطبيب بضرورة الالتزام بالأخلاق المهنية وعدم استغلال مهنته، خصوصاً فيما يتعلق بالتعامل مع المرضى الذين يمتلكون التأمين الصحي، بيَّن المعارك أنه يوجد ميثاق مع هيئة التخصصات الصحية بناءً عليه وعلى اختباراته يعطي الطبيب ترخيص المزاولة، وأيضاً يتم اعتماده بأن يكون طبيباً معالجاً في مركز طبي معتمد. » آلية الموافقة الطبية ورداً على سؤال حول آلية الموافقة الطبية، قال المعارك «المجلس يستقبل شكاوى تتعلق بالموافقات الطبية، حيث نصت لائحة الضمان الصحي التعاوني على أن يكون رد شركة التأمين على طلب الموافقة خلال 60 دقيقة، وإذا لم يستلم مقدم الخدمة الرد خلال هذه المدة، يتم التعامل مع هذه الحالة على أساس الموافقة، وذلك بعد التأكد من أن شركة التأمين استلمت طلب الموافقة أثناء هذه المدة المحددة». » أسعار التأمين وحول أسعار وثائق التأمين الطبي، التي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً كل عام، أكد المعارك أن هناك عدّة عوامل تؤثر على تسعير وثيقة التأمين، ومنها: العمر، الفئة التأمينية، التاريخ المرضي للمؤمن له. مضيفاً «يجب أن تلتزم الشركات عند تسعير الوثيقة بأن تكون متوافقة مع المعايير، التي حددتها مؤسسة النقد العربي السعودي والمتعلقة بتقرير الخبير الاكتواري لأداء شركة التأمين، وكذلك أن تكون الأسعار متوافقة مع معدلات أسعار سوق التأمين الصحي، وحالياً لا يوجد سقف محدد لأسعار التأمين». » حداثة صناعة التأمين أوضح مستشار وخبير التأمين سليمان المعيوف أن تأمين المركبات يمثل حوالي 30% من حجم سوق التأمين السعودي أي المنتج الثاني بعد التأمين الصحي، الذي يمثل حوالي 52% من حجم الأقساط التأمينية، منذ أن أصبح تأمين المركبات إلزامياً خلال السنوات القليلة الماضية، مشيراً إلى أنه أصبح محل شد وجذب على مختلف شرائح المجتمع، وذلك لسببين، الأول: حداثة صناعة التأمين، والآخر: النظرة الاجتماعية والشرعية الممزوجة بتحريم التأمين التجاري. »مبالغ طائلة وقال المعيوف «المتتبع لتطبيق تأمين المركبات، خصوصاً تأمين المسؤولية المدنية ضد الغير، لا يمكن أن يغفل الجانب الإيجابي على الفرد والمجتمع والاقتصاد الوطني، وعند تطبيق أنظمة جديدة على المجتمعات فإن طبيعة البشر الغرائزية دائماً ما تعارض هذا التغيير النمطي بذكر سلبياته وإغفال الإيجابيات، والكثير من منتقدي تأمين المركبات يرونه عبارة عن دفع مبالغ طائلة لشركات التأمين دون أدنى فائدة، وهذا غير صحيح، إذا ما أخذنا في الاعتبار أن صافي المطالبات المتكبدة في تأمين المركبات بلغ حوالي 7.7 مليار ريال وهو ما يمثل معدل خسارة 74% من حجم أقساط تأمين المركبات، وهذا معدل يعتبر اعتياديا مقارنة بالأسواق العالمية، أما بالنسبة للانطباعات عن المستفيدين، فيمكن القول إن هناك انطباعات سيئة تتمثل في حالات الاحتيال على شركات التأمين، التي تكلفها حوالي ما بين 20 إلى 40% من حجم مطالبات المركبات، والتي تنطوي على افتعال مطالبات غير قانونية». » خسائر متراكمة ورداً على سؤال حول سبل تسديد شركات التأمين التزماتها المالية للمستفيدين، قال المعيوف «حسب اللائحة التنفيذية لنظام مراقبة شركات التأمين، فإن الحد الأدنى لرأس مال شركات التأمين في السعودية لا يقل عن 100 مليون ريال، و200 مليون ريال لشركات التأمين وإعادة التأمين، وهذه المبالغ غير كافية في ظل أن التزامات الشركات في بعض الأحيان تفوق هذه المبالغ، وحسب خبرتنا من السنوات السابقة، فإن الكثير من شركات التأمين في السوق السعودي رفعت رأس مالها أكثر من مرة نظراً لارتفاع الخسائر المتراكمة عليها جراء ارتفاع المطالبات التأمينية والاحتياطات الفنية أو ارتفاع الأجور التشغيلية كنتيجة للتوسع غير المدروس والمبني على خطط وإستراتيجيات، أما بالنسبة للشركات الأجنبية، التي رؤوس أموالها تفوق المليار دولار، فهي شركات تتمتع بخبرة كبيرة وأعمال ضخمة اكتسبتها بالعمل في أكثر من دولة، ولم يتم رفع رأس مالها إلا بعد تجارب وخبرات لسنوات من الخسائر». » اندماج أو استحواذ وأضاف «كان للجهات الرقابية دور في وضع اللوائح والنظم، التي تجعل شركات التأمين الوفاء بالتزاماتها المالية والقانونية للمستفيدين، كما أن رفع رؤوس أموال شركات التأمين وإعادة التأمين في السوق السعودي أصبح مطلباً للقطاع لكي تستطيع الشركات الخروج من دوامة الخسائر المتراكمة وهذا ما سنراه قريبا، حيث إن المشرعين يبحثون حالياً رفع رؤوس أموال شركات التأمين بحيث يكون نصف مليار ريال لشركات التأمين، ومليار ريال لشركات إعادة التأمين، وبهذا الإجراء قد نرى العديد من حالات الاندماج أو الاستحواذ بين الشركات». » الأخطار ورؤوس الأموال وصف مدير التزام ومختص في مجال عمليات التأمين الصحي عاصم الدغيم قطاع التأمين في المملكة بالقطاع الناشئ، حيث لا يتجاوز عمره 35 سنة (كشركات مرخصة)، عند صدور النظام واللائحة كانت الحدود الدنيا لرؤوس الأموال حسب الدراسات متناسبة مع حجم الأخطار، خصوصاً إذا ما أخذنا نظرة متعمقة فنجد أن إجمالي الأخطار المكتتبة في عام 2005 كان 5.153 مليون ووصل إلى 36.503 مليون بنهاية 2017، ولكن مع تزايد حجم الأخطار المكتتبة، خصوصاً في فرعي تأمين المركبات والتأمين الصحي وزيادة وعي المجتمع -خصوصاً في التأمين الصحي- أصبح الطلب على التأمين بشكل عام متزايدا وتضاعف حجم أقساط التأمين المكتتبة إلى حوالي سبعة أضعاف في حوالي 12 سنة فقط، فبالتالي نعول على زيادة الوعي والإلزام من المشرعين. وقال الدغيم «لنفس السبب يعود الفضل في حجم رؤوس أموال الشركات في أوروبا وأمريكا إلى وجود التأمين كمفهوم حياة إلى مئات السنين ووعي المجتمع بأهميته وتوافر البنية التحتية، التي ساهمت وخدمت المشرعين في دراسة حجم الأخطار ووضع حد أدنى لرؤوس الأموال تتناسب وحجم الأخطار الموجودة لديهم، وهذا ملاحظ مثلاً في كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا ومن هذا المنطلق استشعر المشرع (مؤسسة النقد العربي السعودي) أهمية زيادة حجم رأسمال الشركات، أخيراً، وأصدر مسودة تعديل على اللائحة التنفيذية، التي تضمنت زيادة رأسمال الشركات العاملة في مجال التأمين إلى 500 مليون ريال والشركات العاملة في مجال التأمين وإعادة التأمين إلى مليار و500 مليون ريال». »ضعف الملاءة وذكر الدغيم أن من المشكلات، التي تواجه الشركات سواءً كانت بسبب نظام الشركات الجديد أو بسبب ضعف الملاءة المالية، نتيجة للدراسات غير الدقيقة للأخطار، التي ينتج عنها تسعير غير دقيق للأخطار، الذي أدى كذلك إلى فتح باب جديد بالنسبة للقطاع وهو الاندماج أو الاستحواذ. وأضاف «فيما يخص الملاءة المالية للشركات، للأسف نحن ما زلنا نعمل بنظام «Solvency 1» في حين صدر نظام «Solvency 2»، وبشكل عام فالفروقات بينهما هي أمور محاسبية، ولكن لها أثراً كبيراً على أرباح وخسائر الشركات، حيث تعاني الكثير من الشركات في القطاع من مشكلة كبيرة في الملاءة المالية، التي يعود سببها في الأخير إما لعدم الامتثال للوائح والأنظمة أو بسبب عدم دراسة الأخطار بشكل صحيح، الذي ينتج عنه تسعير للأخطار بمبالغ أقل من المبالغ الواجبة لموازنة المحفظة أو حتى تمرير مطالبات الأصل فيها عدم التغطية، فتكون النتيجة ضعف الملاءة المالية للشركات بسبب عدم توازن الأصول مقابل الخصوم». »سلبيات العملية التأمينية ورداً على سؤال حول السلبيات في العملية التأمينية، قال «أغلب السلبيات أو المخالفات، التي نراها بشكل واضح في القطاع تعود في الأساس إلى التأمين الصحي في المقام الأول بحكم أنه يستحوذ على أكبر حصة في القطاع بنسبة 52.1% حسب تقرير 2017 من حجم أقساط التأمين المكتتبة ومن أبرزها: عدم تغطية حالات بدون وجه حق وتفاوت التغطيات والخدمات بين شركة وأخرى، كذلك توجد سلبيات في تأمين المركبات مثل: آلية تسعير المركبات المتضررة وعدم موضوعية تسعير المركبات المتضررة بسبب عدم توافر مراكز متخصصة إلا في مدينة واحدة فقط». » التأمين يكشف إفلاس شركات أوضح مستشار التأمين يعرب المشوح أن تأمين المركبات لم يسيء لقطاع التأمين وهو كان من أول القطاعات الإلزامية بالسوق، ولم تكن المعرفة كاملة لدى الناس عن أهمية التأمين وفوائده، ولأنه كان إلزامياً لذلك قوبل بالرفض لفكرة التأمين. وأبان المشوح بأن تأمين المركبات خلّف انطباعاً سيئاً بسبب وجود شركات لم تؤد الدور المنوط بها، سواء كانت وكلاء لشركات خارجية أو شركات تعطي مهلة لتجديد التراخيص، بسبب أنها لم تقدم خدماتها الواجبة اتجاه العملاء، وانسحبت من السوق أو دخلت في موجات إفلاس أو عدم وجود ملاءة مالية لتغطية المطالبات المالية في الوثائق. »مظلة عليا لمنع التجاوزات دعا المستشار القانوني أحمد المحيميد بإنشاء هيئة أو مصلحة تختص بشؤون التأمين تشترك فيها كل الجهات ذات العلاقة لتكون بمثابة مظلة عليا، كما توضع لها معايير عالية الجودة لتحد من التجاوزات والقصور في الخدمات التأمينية ورفع مبالغ التعويضات المالية بما يتناسب مع حجم الضرر وما فات من مكسب وما لحق من خسارة. مبيناً أن استحداث مظلة عليا لشركات التأمين سيسهم في تفعيل الدور الاجتماعي والإنساني لها، حيث سيدفعها للتنافس في تقديم خدمات مثالية وتنافسية بأسعار مقبولة واختيار جهات خدمية راقية وخدمات صحية وطبية فضلا عن حثها وتسابقها على خدمة المجتمع بإنشاء مستشفيات خاصة ودعم الحملات الإعلامية والتثقيفية ورعاية المؤتمرات والمنتديات والتكفل بتدريب وتوظيف الكوادر الوطنية. وقال المحيميد «وثائق التأمين الحالية أشبه ما تكون بعقود إذعان ألزمت بعض الأنظمة المختصة مثل: نظام العمل، ونظام ممارسة المهن الصحية، المستفيدين بضرورة التأمين لدى الشركات المعتمدة دون وجود نظام أو هيئة أو مرجعية موحدة تلزم شركات التأمين بتقديم خدمة راقية أو ذات جودة عالية، حيث تكتفي بعض الشركات بتحصيل الأموال وتجميع أكبر عدد من المستفيدين بهدف تحقيق أكبر قدر من الأرباح المادية بعيداً عن الخدمة وجودتها أو رضا العميل».