أعجب أحيانا من تصرفات البعض حين رؤية مباريات كرة القدم التي تتميز بها كل دولة بمجموعة من الفرق لها أنصار تزيد وتنقص حسب الميول الداخلية وسبب الاختيار. والعجب أنني أرى التعصب والسب والشتم والقذف في حق من يلعب إن أخطأ وفي حق الفريق المعادي وليس ذلك فقط بل قد يتطاول الأمر إلى حكام اللعبة والمسؤولين عن الفريق بأنهم سبب لهذه الخسارة. وأعجب أكثر حينما تذاع هذه المباريات وتتزامن مع حملة (لا للتعصب) في الوقت الذي يذاع فيه مجموعة من البرامج تؤدي لهذا التعصب. لماذا اخترت هذه الرياضة؟، لأنها الرياضة العالمية التي يخرج منها الحضور وقد دمروا كل شيء لتعصبهم أو افتعلوا مشاكل كثيرة أو ترصدوا لبعضهم البعض خارجا للنيل ممن أساء، ناهيك عن أنها الرياضة التي أسمع أن حوادث الوفيات تكثر فيها. فليحدثني عاقل عن هذه الرياضة. أليست كغيرها من الرياضات؟ أليس فيها الربح والخسارة؟ لم أبكِ على موت والدي ولكني الآن لا أستطيع أن أمسك دموعي، أيعقل هذا؟ كلمة تشدق بها أحد الحضور عندما أجريت مقابلة لهم حين خروج فريقهم خاسرا! أعلم أن الحديث في هذه القضية لا يكفيه مقال أو حتى ألف مقال ولن يكفيه طبيب نفسي واحد ولا مجموعة منهم لإصلاح هذه العقول، ولكن لعل عاقلا يستطيع أن يحدثني ويجعلني أدرك ما لهذه الرياضة دونا عن غيرها أصبحت بهذه الكيفية؟ ومن المستفيد من جعل هؤلاء الشباب ينظرون لكرة دائرية تتقافز بين أرجل مجموعة من الرجال هوسا يستحيل العيش بدونه وبدون التعصب الشديد الذي أدى إلى أمور لم تكن على البال؟. هذا يقاطع رحمه لأنهم يشجعون الفريق المعادي، والآخر لا يستقبل صهره لأنه قرر عدم تشجيع الفريق الفلاني في مباراة ختامية. وآخر يحقد ويكره ويبغض وينعت صديقه بأبشع الالفاظ لأنه قال كلمة حق في الفريق المنتصر على فريقه والتي بالطبع طالت الأم والأب والقبيلة، ولاحول ولا قوه إلا بالله. كثيرة هي الأمور التي تحدث نتيجة هذه الرياضة التي أصبحت الأساس في كل بيت، فإن ذهبت تشتكي الأب وجدته الأصل في كل هذا، فهو المحرك الأساسي لهذا التعصب، وإن ذهبت للأم رأيتها تناصر الأب برغم عدم فهمها للأمر وكأنه أمر لابد منه، وإن ذهبت للأصحاب وجدتهم على وتيرة واحدة من العقل، أين ذلك العقل الذي أستطيع أن أحاوره لأفهم؟ أين ذلك المدرك أن ما يفعله لن يزيد ولن ينقص من رصيده شيئا بل إنه نكرة لدى هذا الفريق ولا يعرفونه؟ أين ذلك الشخص الذي سيقنعني بأن هذا الفريق سيقف مدافعا لي أمام الله سبحانه وتعالى وسيحاسب بدلا مني عن كل لفظة وتصرف وتعصب وإيذاء. هل لي بعاقل يحدثني؟ أما آن للكل أن يتعقل؟! دمتم بخير.