الطاقة الكهربائية نعمة من نعم الله علينا، وتوليدها يكون عن طريق أشكال مختلفة من المصادر الطبيعية مثل: الشمس أو الرياح أو الجاذبية أو الماء وغيرها من مختلف المصادر التي هي أيضا هبة من الخالق سبحانه وتعالى. والإنسان يستخدم أنواعا مختلفة من الوقود مثل: الفحم أو الغاز الطبيعي أو النفط أو النووي لتوليد طاقات كهربائية ضخمة من أجل خدمة المدن والصناعات، وكل ذلك يصب في الأخير في خدمة الإنسان. وفعالية استخدام تلك المصادر الطبيعية والمواد بشكل أفضل هو من أجل مصلحة الإنسان والبيئة والأرض في المحصلة النهائية. ومنها يأتي دور الإنسان في المحافظة على تلك النعم لنفسه وللأجيال القادمة. وسبب الحديث عن هذا الموضوع أني اطلعت مؤخرا على أرقام ومؤشرات استهلاك الطاقة الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء السنوي لعام 2018م. وكان منها مؤشر مسح الطاقة المنزلي، حيث إن نسبة 99.8 % من المنازل متصلة بشبكة الكهرباء العامة. ولكن المؤشر الذي لابد أن نركز عليه هو نسبة أجهزة ترشيد الطاقة للمنازل؛ لأن دورنا بارز ومهم كأفراد في فعالية الاستخدام. وهو أيضا من باب (كل مسؤول عن رعيته)، فإننا نجد أن نسبة الأسر التي تستخدم أجهزة ترشيد الطاقة في المنزل هي فقط 29%!. وتلك تمثل الثلث تقريبا، والثلث يعتبر قليلا لكنه في نفس الوقت إيجابي؛ لأن معناه أننا بدأنا السير في الطريق الصحيح. ولكن لابد أن يكون لدينا جميعا هدف أن نصل إلى النسبة 80 % على الأقل للمنازل التي تستخدم أجهزة ترشيد الطاقة. وهو هدف ممكن تحقيقه إذا قسمناه إلى أجزاء صغيرة بحيث يكون هدفنا السنوي أن نرفع تلك النسبة بمعدل 5% (وهي نسبة معقولة وممكن تطبيقها)، وخلال العشر السنوات القادمة تقريبا (2030م) نكون قد وصلنا إلى الهدف المنشود (80%). وأعتقد أن المسؤولية تقع على الجميع، حيث تقوم الجهات الرسمية المعنية بزيادة التوعية والإرشاد ومواصلة تحديث الأنظمة واللوائح. وأما من جانب المواطنين والمقيمين فيبادرون بتطبيق طرق ومبادئ ترشيد الطاقة على مستوى المنازل وهي ليست بالمهمة الشاقة بل ممكنة. حيث إن النتائج هي (win - win) مربحة لكل الأطراف ( كما قال ستيفن كوفي في كتابه العادات السبع للناس الأكثر فعالية)، وسيكون استهلاك الطاقة أقل، وفيه خفض لتكاليف الصيانة والتشغيل، وأيضا خفض لقيمة الفواتير الكهربائية للمستهلك، فالكل رابح بتلك الطريقة. وبالإضافة، فإن هدر وحرق الكثير من الطاقة بفعالية أقل يؤثر على البيئة سواء الهواء أو التربة أو الماء. والكثير منا يريد الاستمتاع بالطبيعة عن طريق الرحلات البرية أو البحرية، ولكن في المقابل لا يحرص البعض منا على المحافظة على الاستهلاك المنظم والمدروس للموارد الطبيعية، وهنا تكمن العقدة في المنشار كما يقال. إذ لابد من الحرص على الترشيد والاستهلاك غير النهم للموارد والطاقة حتى تبقى الطبيعة لنا كما نريد ونشتهي. ومن مشاكلنا الرئيسية التفكير بطريقة (أنا مالي شغل) أو (غيري هو المسؤول)!، ولكن الحقيقة أنها هي مسؤوليتنا جميعا كأفراد ولن ننجح في هذه المهمة إذا آثرنا أنفسنا على الآخرين والأجيال القادمة لأنه بكل بساطة عمل جماعي لابد أن يقوم به المجتمع ككل أو على الأقل معظم أفراده! وذلك يسمى (الوعي المجتمعي). يضاف إلى ذلك أن لدينا القاعدة الذهبية من ديننا الحنيف وهي «لا ضرر ولا ضرار». والواقع أننا جميعا يمكننا الاستمتاع بنعمة الطاقة والموارد الطبيعية بالمحافظة عليها بدون عبث أو إهمال، ولكن اليد الواحدة لا تصفق.