من يتابع الحراك التطويري المستمر في بلادنا خلال السنوات الأخيرة يجد أن التغييرات التي تتم في المواقع القيادية في الوزارات والمؤسسات العامة شيء ليس عاديا فقط، بل متطلب من متطلبات المرحلة، وهي تجيء ملبية لاحتياجات تحقيق الأهداف الإستراتيجية للدولة وصولا إلى تحقيق رؤية المملكة 2030، خاصة أن هذه التغييرات لا تهدف إلى تغيير الأسماء والأشخاص بالقدر الذي تهدف إلى حشد الخبرات والطاقات الخلاقة وتوظيفها في خدمة أهداف الرؤية وإتاحة الفرصة لأصحابها لتحمل مسؤولية تطبيقها على أرض الواقع، كما أن الملاحظ أنها تستهدف المجالات الرئيسة ذات التأثير الأكثر قوة في عملية التنمية الشاملة والتطوير المستمر، وفي مقدمة ذلك مجال التعليم الذي ندرك جميعا مدى تأثيره في غيره من المجالات، حيث إن الوزير الجديد هو رابع وزير للتعليم خلال خمس سنوات قدم كل واحد منهم خبرته وساهم في إيجاد الحلول المناسبة للعديد من القضايا المتراكمة التي يواجهها التعليم، مع أن مجال التعليم بطبيعته يظل باستمرار بحاجة إلى التطوير والتغيير وإيجاد الحلول لبعض العقبات المزمنة أو المستجدة في وزارة تقدم الخدمات لحوالي خمسة ملايين طالب وطالبة وتوظف في سبيل ذلك أكثر من ستمائة ألف معلم ومعلمة. ولا شك أن كل وزير من الوزراء السابقين قد ساهم في إيجاد حلول لبعض الملفات، اكتمل بعضها ولم يكتمل البعض الآخر، ما يؤكد النهج الذي يقوم على أن يكمل الوزير اللاحق ما عمله الوزير السابق ويضيف عليه، فعلى سبيل المثال استطاعت الوزارة في فترة الوزير العيسى تقليص أعداد المباني المستأجرة بما يقارب ألفي مبنى مستأجر، وهو إنجاز في قضية من القضايا التي واجهتها الوزارة على مدى أعوام طويلة، إضافة إلى منجزات أخرى عديدة للوزير السابق ومن سبقه. ولعل إسناد الوزارة إلى الوزير الجديد حمد آل الشيخ يحمل مزيدا من مؤشرات الإنجاز، لا سيما وأنه ممن يعرفون تماما هموم الوزارة وما ينتظره المواطنون وما يتطلبه مشاركتها في تحقيق الرؤية، فقد سبق له أن تولى منصب نائب وزير التعليم، ما يعزز الآمال بخطوات أكبر، إضافة إلى ما يتضح من تطلعات يحملها الوزير الجديد لا تلبي ما ينتظره المواطنون وفي طليعتهم المعلمون والمعلمات فقط، بل ومواجهة متطلبات التغيير ومواكبة المستجدات، حيث صرح بأن ذلك في مقدمة اهتماماته، لاعتقاده أن احتياجات التنمية قبل أعوام ليست هي نفسها الآن، وهي بالتأكيد غيرها في الأعوام القادمة، ما يتطلب إعادة النظر في مواءمة مخرجات التعليم لسوق العمل، وكذلك إعادة النظر في برنامج الابتعاث، وهذه قضية إستراتيجية تؤكد على تحقيق أهم الأهداف التي حددتها الرؤية للتعليم، وإذا أضفنا إليها الملفات التنظيمية والإدارية الأخرى ومطالب المعلمين والمعلمات واحتياجات الخطط المستقبلية للنمو في أعداد المؤسسات التعليمية والمعلمين والمعلمات، ومن ذلك قضايا تعيين الخريجين وتحسين أوضاع المعلمين المادية والخدمات المقدمة لهم واستكمال حلول المباني المستأجرة وتطوير استراتيجيات التدريس والتقويم وتدريب المعلمين وتنظيم التعليم الأهلي بحيث يؤدي الغاية منه في مؤازرة جهود الدولة فكل ذلك يؤكد حجم المسؤولية وسقف التطلعات المتوقعة من الوزير الجديد الذي سيعمل على تحقيقها من خلال كوادر يتولى قيادتها وتعمل جميعا بروح الفريق الواحد، باعتبار هذا العمل ليس واجبا وظيفيا فقط، بل هو انتماء وطني ووفاء لهذا الوطن ومشاركة في ترسيخ موقعه بين دول العالم.. فأهلا وسهلا يا معالي الوزير، رعاك الله وسدد خطاك.