تزدان أرض الجنادرية بمهرجانها السنوي الذي يمتد لواحد وعشرين يوما، ضمن العديد من الفعاليات والطقوس التاريخية التي اعتدنا على وجودها داخل الأجنحة والقرى المتعددة للمهرجان، والتي تحمل تراث المدن السعودية الزاخر بتفرعاته الجاذبة للزوار والدالة على العمق التاريخي الذي تحمله كل منطقة من مناطق مملكتنا الحبيبة، مما يجعلنا نفخر بهذا الإرث الحضاري المشبع بعبق الماضي الجميل بكل تفاصيله ومدلولاته، إذ يبرهن المهرجان على مدى التمسك والاحتفاظ بتلك الحقبة التاريخية سواء من خلال الكتابة عنها أو تجسيدها على أرض الواقع على امتداد الأسابيع الثلاثة له. هنا في الجنادرية نجد نقطة التواصل بين الماضي والحاضر، فمهما انسجمنا مع نمط الحياة العصري المتسارع وواكبنا التطور الحاصل في شتى مجالات الحياة، إلا أننا نشتاق لتلك الحقبة التي عاشها أسلافنا واستكشاف تاريخنا العريق، وقد كان المهرجان خير ممثل لهذا الموروث من خلال ما يمنحنا إياه من رحلة عبر التاريخ، نجدد من خلالها العهد مع تاريخنا القديم ونصافح ما امتاز به من حضارة وأصالة صنعت لوحات فنية باهرة من خلال الطراز العمراني والتحف المعمارية الفريدة من نوعها في كل منطقة. وجهة سياحية للزوار من داخل المملكة وخارجها، ومكان يختصر للسائح الأجنبي عناء التنقل بين مناطق المملكة الشاسعة كي يتعرف على تراثها وتقاليدها وما تحمله من امتيازات عن غيرها من المناطق، فالجنادرية تضع له كل النكهات في طبق واحد مع احتفاظ كل نكهة بطعمها ولونها، كما لم يكن التركيز فقط على مشاركة العديد من الإمارات والمحافظات في المملكة بل امتد الأمر لدول الخليج العربي مما يعزز التلاحم المعهود بين المملكة وأشقائها من دول الجوار، وأسهمت المؤسسات في القطاعات الحكومية والخاصة في المهرجان من خلال الأجنحة التي عرفت بدورها الهام، واكتظت أروقة الجنادرية بالأسواق والفنون الشعبية والمعارض التشكيلية التي عكست روح الماضي العريق بكل تفاصيله. 33 عاما من التميز والعمل الحثيث على نقل صورة المملكة وما تحمله من إرث تاريخي بالشكل الذي يليق بماضيها المشرف، فكلنا يعلم أن ذلك الإرث التاريخي الذي يجسده المهرجان ما هو إلا قاعدة لما نحن عليه الآن، والأساس الذي تشكلت منه المملكة بكل ما تحمله من تطور وريادة على جميع الأصعدة، فقد أصبحت هذه المناسبة رافدا من روافد المحافظة على التراث الوطني والتعريف به. إن من أعظم ما يمتاز به المهرجان أنه يقام في فترة محددة تجعل الجميع متشوقا له ومترقبا انطلاقه، وقد يفقد ميزة الانتظار والشغف لو كان على مدار العام، فالشيء عندما يكون متاحا بلا قيود يفقد جماله وإبهاره، وأعتقد أن هناك من يوافقني الرأي في ذلك.