المشكلة في اكتشاف الطفل التوحدي أن الاكتشاف غالباً ما يكون متأخراً، فالأعراض تظهر واضحة عندما يبلغ الطفل ثلاث سنوات. على الوالدين أن يحرصا، خاصة الأم، عندما تلاحظ على طفلها أنماطا سلوكية غريبة كضعف التفاعل الاجتماعي، والتواصل اللفظي، وغير اللفظي، وبأنماط أخرى كالتأمل الشديد، والغفلة عن كل ما يدور حوله، وأحياناً كثير الحركة أو عدوانيا، يصرخ بلا سبب، وأحياناً خاملا. هذه الأعراض من أعراض التوحد بناء على إفادة العلماء المتخصصين بسبب اضطراب في النمو العصبي، يؤثر على عملية معالجة البيانات في المخ بتغييره لكيفية ارتباط وانتظام الخلايا العصبية ونقاط اشتباكها. أقوي أسبابها الوراثة، على الرغم من أن جينات التوحد معقدة، ونسبة الإصابة بالتوحد ضئيلة 1 -2 من كل 100 شخص. حتى وإن كانت النسبة ضئيلة فهذا لا يقلل من خطورة المرض، ومراقبة سلوك أطفالنا خاصة قبل سن الثالثة ضروري جداً وليست بالمستحيلة. طيف التوحد، أو متلازمة اسبرجر صدمة للأمهات اللاتي يجهلن هذا المرض حين يكتشفنه بالصدفة. وقصة صديقتي التي اكتشفت حالة طفلها كانت ثقتها بربها كبيرة ثم بقدرتها فلم تيأس بل كثفت جهودها لتثقيف نفسها لمعرفة حقيقة هذا المرض وكيفية التعامل معه. شاهدتُ بإعجاب شيئاً من تعاملها مع طفلها.. كانت لا تؤنبه على سلوكه السلبي كما نفعل مع أبنائنا حين يبدر منهم سلوك سلبي.. ألقى الطفل بالطعام الذي في يده فلم تزجره بل طلبت منه أن يضعه في صحنه، وعندما تصرف تصرفاً حسناً شكرته بابتسامة وحب. وفي موقف آخر حضرته، كان حواراً بينهما، محادثة ودية أخرجته من ذاته المتقوقعة معبراً عن رأيه الخاص بثقة ومعنوية مرتفعة. ومواقف أخرى أعجبتني منها تمنيت ولو كل أم لديها طفل توحدي أن تفعل ما تفعل هذه السيدة، خاصة وأن من بين التوحديين ظهر عباقرة مصابون بالتوحد ومن العباقرة.. ألبرت أينشتاين، العالم الذي طور النظرية النسبية؛ وكان شغله الشاغل هو الفيزياء، وإسحاق نيوتن، الذي صاغ قوانين الحركة وقانون الجذب أيضاً كان يعاني من صفات توحدية، فقد كان عكر المزاج، ولديه صعوبة في التواصل مع الآخرين. وبيل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت وإمبراطور الكمبيوتر لا يزال حتى الآن يعاني من عارض أسبيرجر، ودانيال تامت، قادر على التحدث ب 11 لغة مختلفة، يستطيع إجراء عمليات حسابية أسرع من الآلة الحاسبة بكثير، فضلًا عن تذكره الآلاف من أرقام الهواتف، وتوماس أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي له أكثر من 1093براءة اختراع أخرى مسجلة منها الهاتف ومسجل الأصوات، الفضل يعود لأمه، لأن مدرسته عجزت عن فهمه فطردته، لكن السيدة ماري التي لم تيأس قامت بتعليم ابنها بنفسها فكان لها الفضل بأن أتت للعالم بأعظم المخترعين في التاريخ.