قمت بجولة على بعض محلات الأجهزة الكهربائية بغرض شراء سخان ماء وماكرويف ولفت انتباهي تفاوت الأسعار الذي يدعو للشك والريبة، فالبعض منها يتجاوز مثيلاته بضعفي السعر بمعنى وجدت سخان ماء له نفس المواصفات الشكلية الظاهرة بخمسين ريالا والآخر بمائة وسبعين ريالا ولا أدري عن السبب هل هو مجرد اسم الشركة فقط أم أن هناك أسبابا فنية وصحية وأخرى تتعلق بالسلامة لا نعلمها، يتبادر للذهن من أول نظرة أن الرخيص ربما يكون أقل جودة أو له مضار صحية متعلقة برداءة الجهاز، وربما هناك أسباب أخرى حول ضعف وسائل السلامة حيث يشتمل على توصيلات مقلدة وغيرها تتسبب في انفجار السخان وللحق لا أملك أي دليل مجرد تخمينات لا أستطيع الإجابة عنها، ولكن أستطيع الحكم المبدئي أن الأقل سعرا بفارق يتجاوز الضعفين لا يمكن أن يكون السبب الاكتفاء بهامش ربحي قليل من قبل المصدر، فالأغلب أن هناك أجزاء تصنيعية سيئة ورخيصة موجودة بالجهاز ولذلك لا نستغرب عندما نسمع عن وجود حرائق وانفجارات داخل المنازل والمحلات خلاف ما تسببه هذه الأجهزة من مشاكل صحية خطيرة بسبب نوعية المواد المستخدمة، حيث تشكل الأدوات الكهربائية غير المطابقة للاشتراطات الصحية خطرا كبيرا على سلامة الممتلكات والأرواح، وتشير بعض التقديرات إلى أنها تتسبب في 40% من الحرائق، ومما زاد الطين بلة غياب الوعي لدى المواطن والمقيم واهتمامهم بشراء الأجهزة الرخيصة والمقلدة بدلا من انتقاء السليم والأفضل جودة. واردات المملكة من الأجهزة الكهربائية والآلات والأدوات المتعلقة بها تجاوزت مبلغ ال 100 مليار ريال خلال عام 2017م، ما يؤكد أن هذا السوق أصبح مرتعا لبائعي المنتجات المقلدة الذين سيحرصون على اقتطاع جزء من هذه الكعكة الكبيرة. المستهلك لا يستطيع التفريق بين الجيد والرديء فيما يتعلق بالأجهزة والتوصيلات الكهربائية، ويجب ألا نعول على هذا الأمر فهو في النهاية مليء بالالتزامات التي تثقل كاهله ويبحث عن الأقل سعرا ويفترض حمايته من نفسه من خلال عدم السماح للمنتجات الرديئة بالدخول للأسواق، ربما يقول البعض إن لدينا سوقا مفتوحا والخيار في النهاية للمشتري وهذا كلام جيد ولكن ليس على حساب الجودة أو التهاون فيها. أعتقد أن تطبيق مبدأ تشديد العقاب على المخالفين ربما يحقق الكثير من النتائج الإيجابية، فالجهاز المقلد الذي يتسبب في كوارث في المنازل والأسرة يتحمل نتائجه المورد ويتم تغريمه حتى لا يفكر أحد في استيراد قطع سيئة حفاظا على نفسه أولا. تفعيل المستهلك المراقب ضرورة يتطلبها هذا السوق المهم والكبير جدا، فالمتابعة من قبل الجهات الرقابية فقط لا تفي بالغرض ولا يوجد أصلا العدد الكافي من المراقبين في تلك الجهات، لذلك يجب الاعتماد على عين المستهلك وإعطاؤه جزءا من الغرامة في حال ثبوتها. أتمنى وجود مراكز متخصصة تشرف عليها هيئة المواصفات لإعطاء المستهلك استشارة في نوعية الأجهزة -عبر الهاتف- لنحمي أنفسنا ونقلل من خطر الكوارث التي تحيق بنا.