تأتي زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، للجزائر والتي تستمر يومين على رأس وفد رفيع المستوى في إطار العلاقات الأخوية المتينة التي تربط بين الجزائر والمملكة العربية السعودية، وتهدف إلى توطيد الروابط المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين، إضافة إلى التباحث في المسائل السياسية والاقتصادية والقضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك خاصة القضايا الإقليمية والملفات الساخنة على الساحة، والتي منها نبذ الخلافات وتوحيد الصف لما يصب في مصلحة البلدان العربية وشعوبها. وتوقع سياسيون ومراقبون أن يطرح ولي العهد مبادرة لحل الخلافات الجزائرية المغربية الموريتانية في الصحراء، مؤكدين أن المملكة هي أول دولة عربية قامت بدعم الثوار الجزائريين ماديا وبكل الإمكانيات وفي المحافل الدولية حتى الحصول على الاستقلال، وأصبح للجزائر دور فعال في حل الخلافات العربية في الماضي، إلا أن هذا الدور الذي كانت تلعبه تراجع رغم مكانتها الجغرافية، وأصبح دورها على الحياد في الخلافات العربية، ويتوقع أن ترجع الجزائر إلى دورها السابق في توحيد المواقف العربية، إضافة إلى التوسع في التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين. » ملفات ساخنة في البداية قال رئيس مركز الخليج للأبحاث د. عبدالعزيز بن صقر: إن زيارة ولي العهد للجزائر مهمة في ظل الأحداث والملفات الساخنة في الدول العربية، فالجزائر لها دور مهم، وزيارة ولي العهد تطرح الواقع العربي للنقاش؛ لتقديم المقترحات التي تطور الشراكة بين البلدين على جميع الأصعدة، فالجزائر من البلدان المصدرة للنفط والغاز، وأتوقع أن تشهد الزيارة تغيير موقف الجزائر الحيادي في بعض القضايا والمواقف في بعض الملفات العربية، فالسعودية هي أول من وفر حصانة عربية للجزائر، والجزائر تعتبر من الدول العربية المهمة لموقعها العربي والأفريقي، ولديها تجربة واسعة في محاربة الإرهاب، والتعاون بينها وبين المملكة في جميع الملفات مهم جدا. مؤكدا أن زيارة ولي العهد سوف تنتج عنها إستراتيجية بين البلدين في جميع المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والملفات الساخنة، وتهدف الزيارة إلى أهمية تقوية الروابط العربية ككل، فالتعاون الثنائي أو في إطار تكتلات يصب في النهاية في المصلحة العربية الجماعية. » دعم سعودي وعن العلاقات السعودية الجزائرية قال ابن صقر: إن المملكة بدءا من الملك عبدالعزيز ومرورا بالملك سعود ثم بالملك فيصل -يرحمهم الله-، هم من ساعدوا في أن تصبح قضية الجزائر قضية عالمية دولية، وخرجت عن كونها قضية متمردين على الدولة الفرنسية عندما كانت الدولة الفرنسية توضح للعالم كذبا أن قضية الجزائر قضية داخلية خاصة بالدولة الفرنسية، فكانت السعودية أول من تكلم بالقضية الجزائرية، وعندما انتفض الشعب الجزائري انتفاضته الكبرى في مطلع شهر نوفمبر عام 1954م، بادرت المملكة العربية السعودية بعد شهرين فقط من انطلاق هذه الثورة لتجعل من هذه القضية قضية دولية لا يمكن للعالم أن يغمض عينيه عنها، وانطلق الملك فيصل -يرحمه الله- يستجمع القوى والأنصار في المحافل الدولية فحولها إلى قضية من قضايا مجلس الأمن، ثم انتقل بها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبنتها واحتضنتها، وتحوّلت ثورة الجزائر من تمرد يقوم به العصاة على النظام -كما طاب لفرنسا أن تقول- إلى قضية شعب مستعمر مقهور يطالب بحريته وكرامته، كما قدمت الدعم المالي، حتى أن المملكة قطعت العلاقات مع الدولة الفرنسية، حيث يقول الملك سعود -يرحمه الله-: إن المملكة العربية السعودية لن تعيد علاقتها الدبلوماسية مع فرنسا إلا بعد استقلال الجزائر، وتعتبر المملكة السند المتين للثورة الجزائرية حتى استقلال الجزائر. » حل الخلافات من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة د. وحيد هاشم: إن زيارة ولي العهد للجزائر يعول عليها الكثير من الأمور السياسية والاقتصادية، وفي مقدمة ذلك حل النزاع في الصحراء بين الجزائر والمغرب، فصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يتطلع إلى موقف سياسي موحد لجميع الدول العربية والإسلامية دون استثناء؛ لتحقيق أهداف شعوبها وحل الخلافات العربية الماضية وإقامة علاقات عربية لتحقيق المصالح العربية، وتوقع أن تهدف الزيارة لإصلاح الصدع الجزائري المغربي؛ لأن الخلافات الجزائرية الموريتانية والمغربية تحتاج إلى حل، وتركها يولد عدم الاستقرار، وتوقع أن يقدم سمو ولي العهد إستراتيجية لحل الخلافات في الصحراء. وقال: إن الزيارة ستنتج عنها اجتماعات على مستوى القمم وطرح فكرة الحوار في حل الخلافات الجزائرية المغربية، وأكد أن الجزائر كانت تلعب دورا كبيرا وفعالا في الماضي ويجب أن تعود إلى دورها السابق في توحيد المواقف العربية ونبذ الخلافات ومعالجة الملفات الساخنة، وأشار إلى أن العلاقات بين المملكة والجزائر قديمة والسعودية هي من كان يدعم الثوار الجزائريين حتى حصلوا على الاستقلال. » موقف موحد وأكد هاشم أن الملفات الساخنة في سوريا والعراق وليبيا واليمن والتدخلات الإيرانية تتطلب من الجزائر التوحد مع الدول العربية في حل الخلافات، خاصة أن مواقف الجزائر دائما محايدة رغم دورها السابق في حل الخلافات العربية ورغم حجم موقعها الجغرافي، وتوقع أن ينتج عن هذه الزيارة التوصل إلى توحيد الموقف السعودي الجزائري مع الملفات الساخنة وحل الخلافات والتوصل إلى آلية مشتركة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية، خاصة أن الجزائر من البلدان المصدرة للنفط وعضو في أوبك، ويجب أن يكون هناك تقارب في جميع وجهات النظر مع الدول الخليجية، فالمملكة تسعى إلى توحيد صفوف الدول العربية وحل النزاعات فيها لما ينعكس على استقرارها واستقرار شعوبها وموقف الجزائر مهم في حل الخلافات والملفات.