يوم العشق هو اليوم الذي ينزل فيه المطر، لتظهر لنا الألوان بصفائها ونقائها بعيداً عن الأتربة والألوان الرملية التي اعتدنا عليها، فالحمد لله على فضله ورحمته، والحمد لله على الراحة التي تأتي بالنظر أو بالاستماع للقطرات التي تتسابق لري الأرض وإزالة ما خلفه الغبار. تساقطت علينا الأمطار في المنطقة الشرقية، ورُسمت إشراقة على وجوهنا، فبدأنا يومنا بنغمات من القطرات حولنا وكأنها تعزف لحن الاشتياق لكل شيء تسقط عليه، وبدأ البرق يضيء السماء المظلمة، فسوط الرعد أقبل بعده بصوته المتفجر، ثم بدأت السماء بصب الماء بقوة وبسرعة، حينها بدأ الارتباك بهذه الأمطار التي عُدت الأعلى شدة مطرية منذ 30 عاماً. المدارس لم تغلق أبوابها في هذا اليوم، وهناك أصوات كثيرة تلوم إدارة التعليم على عدم تعليق اليوم الدراسي رغم التحذيرات التي أطلقتها الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة؛ وهنا أتساءل: هل التحذير يوجه فقط لوزارة التعليم وإداراتها؟ أنت كولي وولية أمر لماذا بعثتم أبناءكم وبناتكم للمدارس وأنتم تعلمون بأنه يوم ممطر وخصوصاً أن المطر تساقط من قبل بدء اليوم الدراسي؟ لكل منّا مسؤولية فلا نرمي المسؤولية على أحد وننسى مسؤولياتنا نحن كأفراد وأسر، فحمايتهم أولاً مسؤولية الأهل ثم تتوزع المسؤوليات من خارج هذه الحدود. حقيقةً منظر تجمع المياه كان محزنا ووقع الخوف منه أكثر حزناً، ووقت انتظار الوصول إلى المنزل طويل ومتعب، لزِمَني الوصول من الدمام إلى الخبر ثلاث ساعات، تصفحت وقتها -وأنا في مقعد الراكب- المقاطع والصور المتداولة في عدة وسوم عن الشرقية وأمطارها، وكيف لهذه الأمطار أن تعطل اليوم، وأتساءل هنا أيضاً هل نسبة الأمطار هي السبب؟ لفت نظري أيضاً تحويل هذه المناظر إلى مناظر مضحكة، حيث نُشر مقطع لشخص يسير بسيارته في الشارع الممتلئ بالمياه وأضيفت له خلفية «النهمة الخليجية» -أحد الفنون الشعبية البحرية للبحارة في الخليج- صدقاً أضحكني المقطع فشر البلية ما يضحك، فهل وصلنا لأن نسخر من أنفسنا بأنفسنا؟ وفي نفس المنطقة أيضاً وبين تجمع مياه الأمطار في عدد من الأماكن، رأينا انسيابية الحركة وتصريف المياه دون تجمعها؛ كان ذلك في أرامكو، التي تقع معنا وبيننا، فما الذي يجعلها مختلفة رغم قربها؟ أليست كمية المياه هي نفسها؟ ثقتنا كبيرة في أميرنا المحب والمهتم بشؤون المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف، ونائبه الدقيق والمنشغل بالتحسين والعمل على جعل المنطقة متقدمة وأفضل الأمير أحمد بن فهد بن سلمان -حفظهما الله-، فبهما -رعاهما الله- سوف تُنسى هذه المناظر بحلول جذرية تتناسب مع مكانة المنطقة الشرقية وأهميتها، وكذلك لتبدأ منافسة مناطق المملكة منها لأنها تستحق وبأحقية. الآن هو موسم الأمطار الذي ننتظره دائماً بتشوقٍ وبحبٍ للحظاته وفتراته، لأنه يجدد فينا الكثير ويزيل منا الكثير، فنتسابق بتوثيقه ونشره، ونتسابق للإعلان عنه، كضيف جميل يزور منازلنا، اللهم اكتبه لنا رحمة وخير؛ فيجب علينا ألا ننسى مسؤولياتنا وأن نتبع الأنظمة المعمول بها في الحالات الطارئة، فالأهم من المهم هو أن تكون سالماً حتى إن تأخرت في الوصول لمنزلك، وحتى إن لم تستطع الحضور إلى مدرستك، عملك، ولوجهتك المعتادة، تذكر دائماً أهمية سلامتك.