ينتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا استغلال هذه البرامج في تفشي ظاهرة تحمل نتائج سلبية ومدمرة أكثر مما يتوقع أصحابها، فعلى الرغم من غياب النسب والأرقام التي تبين مدى انتشار التنمر الإلكتروني إلا أنها تسير نحو مُنزلق قد يصعب النجاة منه، لأنه وبكل اختصار سلوك مسيء ومتعمد من شخص لآخر يحتمل أشكالا عدة منها لفظية وعاطفية وجسدية سواء من خلال رسائل إلكترونية أو نشر صور خاصة تعتمد التكرار وإظهار فارق القوة من خلال الترهيب والاستقواء على الآخر، وهنا تتشكل الخطورة التي قد تدعونا للتساؤل عن الأسباب التي أدت لذلك وسمحت بانتشاره. إن عامل الغيرة من أهم العوامل التي قد تؤجج هذا السلوك وكذلك حب فرض السيطرة والوصول لمرحلة «التأسد» لدى البعض، ولا نغفل عامل التربية الذي قد يساهم بشكل أو بآخر في أن يكون الشخص متنمرا أو ضحية لذلك، ومن هنا يجب أن نعرف ما إذا كان أطفالنا والمراهقون قد تعرضوا لذلك التنمر، فالكثير من الأبناء قد يتكتم على الموضوع ويتعامل معه بسرية تامة مما يصعب على المحيطين به معرفة ما يحدث له، ومن هنا يجب أن نُعرج على أن الأمر قد يحدث للجنسين وليس حكرا على جنس بعينه، فكلنا يعلم أن مرحلة الطفولة أو المراهقة مرحلة حساسة في حياة أبنائنا مما يجعل أي عامل خارجي قادرا على أن يؤثر عليها بالشكل الذي يريد. قد تتجه الأذهان الآن إلى البحث عن العوارض والعلامات التي قد نراها على الأبناء وتساعد معرفتها مبكرا على انتشالهم من هذا الوحل قبل فوات الأوان أو النصائح التي تقيهم من ذلك، فهناك تجارب في الكثير من البلدان الأجنبية لدى الأطفال الذين وقعوا ضحية التنمر وانتهى بهم المطاف إلى الاكتئاب الذي قد يؤدي للانتحار أو أدى إليه فعلا بحسب بعض الأخبار، فلو كان الطفل يمتلك الثقة الكافية بنفسه لما وصل إلى هذا الجرف، فالثقة من أهم عوامل التصدي لذلك الشبح الإلكتروني، كما أن المصارحة والوضوح بين الابن وذويه في كل شؤون حياته قد تسهل عملية الحماية واكتساب الأمان، وكذلك تنبيهه على الإفصاح عن أي مضايقة قد تحصل له والتعامل معها بشكل سليم، فهناك البعض من الأبناء يخشى إخبار أبويه عن مثل هذه الأمور خوفا من حرمانه من تلك البرامج وكأنه هو المذنب!. لأنها ظاهرة خطيرة ولأنك قد تجهل الكثير عن شخصية ابنك، لا تتردد في أن تحدثه عن هذا الشبح الذي قد لا يراه غيره، فإن مد جسور التواصل بينكما يجعله أقوى وأكثر ثقة ولن يتوانى أبدا عن اللجوء إليك فورا عندما يشعر بالخطر.