عقد يوم الأحد الماضي في الدمام اللقاء السنوي للجهات الخيرية، وهو لقاء تنظمه جمعية البر بالمنطقة الشرقية سنوياً، يهدف لتوفير منصة علمية لتدارس قضايا واهتمامات الجمعيات والمؤسسات الخيرية وبحث الوسائل الكفيلة بمساعدتها على تحقيق أهدافها، وكما علمت فإنه يتم التخطيط خلال عام كامل لهذا اللقاء واستكتاب الباحثين والأكاديميين لتقديم الأوراق العلمية والأبحاث التي تتناول محاور اللقاء الذي يعقد كل عام تحت عنوان رئيس يتناول إحدى القضايا التي تهم العمل الخيري ومؤسساته، وهو في هذا العام على سبيل المثال تحت عنوان «تنمية الموارد المالية»، وهو بلا شك على درجة كبيرة من الأهمية، خاصةً إذا أخذنا بالاعتبار أن خطط العمل الخيري وبرامجه ومشاريعه لا يمكن تنفيذها دون توفير الموارد اللازمة، بل لابد أيضًا لمؤسسات هذا العمل أن تبحث عن السبل التي تكفل الاستدامة لهذه الموارد لضمان قدرتها على مواصلة مسيرتها وأداء رسالتها. ويكتسب هذا العنوان أهمية إضافية، لا سيما وأن هذا القطاع يشهد منذ أعوام قليلة تحولاً في نوعية الخدمات التي يقدمها، حيث يقوم على التوجه للتنمية الاجتماعية بديلاً عن الرعاية والمساعدات المباشرة التي اعتاد المستفيدون، طوال سنوات مضت، على تلقيها من الجمعيات والمؤسسات الخيرية، علاوةً على ما تلقيه عليها من أعباء ما خصتها به رؤية المملكة 2030 حيث اعتبرت هذا القطاع قطاعاً ثالثاً متمماً ومكملاً للقطاعين العام والخاص وشريكاً على قدم المساواة معهما. ومما يبعث على الارتياح أن القطاع الخيري شهد خلال العقد الأخير تغيرات إيجابية، أولها تحوله إلى عمل مؤسسي بعد أن كان أكثره يقوم على العمل الفردي وردود الفعل للتعامل مع الحالات الطارئة والأزمات، كما شهد استخدام التقنية الحديثة وتوظيفها في تقديم الخدمات والمساعدات مما وفر الكثير من الجهد والمال وأسهم في المحافظة على كرامة المستفيدين ومشاعرهم، ثم توج ذلك كله بالتحول نحو التنمية الاجتماعية مواكبة للمستجدات العالمية والإقليمية، ولم يكن ذلك كله ممكناً -بعد عون الله تعالى- إلا بما يوليه ولاة الأمر لهذا العمل وبما يضربون به القدوة والمثل من جهودهم وبذلهم المادي والمعنوي، وكذلك جهود وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي أوضح وزيرها في كلمته في اللقاء عزمها على إطلاق العديد من المشاريع لتشجيع مؤسسات العمل الخيري وخاصةً في مجال تحقيق الاستدامة المالية سواء بإنشاء الصناديق الوقفية وتطوير التشريعات الحكومية والوصول بدعم المشاريع إلى 50% من تكلفتها والعزم على مضاعفة أعداد الجمعيات الخيرية في المملكة والتركيز على الجمعيات التخصصية والخدمات النوعية في عملها. أما الأمر الآخر الذي يبعث على الثقة أيضًا فهو تولي الشباب من المواطنين قيادة هذه الجمعيات وهذا النوع من المؤسسات، وهي ظاهرة تزداد يوماً بعد يوم بما يملكونه من العزم والعلم والإرادة والإخلاص، ولعل الشباب القائمين على جمعية البر بالمنطقة الشرقية المنظمة لهذا اللقاء هم أنموذج واعد من هذه القيادات، يعينهم على النجاح بلا شك ما يلقونه من رعاية كريمة واهتمام من سمو أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه الأمير أحمد بن فهد بن سلمان بن عبدالعزيز. ولا شك أن مخرجات هذا اللقاء ونتائجه المتوقعة سوف تدفع بالعمل الخيري خطوات أخرى على طريق الإنجاز -بإذن الله-.