أكملنا 4 أشهر منذ السماح بقيادة المرأة، قدت فيها سيارتي من أول يوم، وقطعت خلالها أكثر من 7000كم حتى الآن شملت رحلتين برا إلى الرياض. في هذه الأثناء رأيت من العجب الكثير. ولا بد من التنويه إلى أن تجربتي في القيادة دولية ولسنوات، فقد قدت في بريطانيا وأمريكا وسبع من الدول الأوروبية ومع ذلك لم أر هناك في تلك السنوات ما رأيته هنا في شهور. إن تصرفات بعض من أشاركهم الطريق ما زالت تدهشني في غبائها وبدائية غبائها. من الطبيعي أن الأخطاء ترد أثناء القيادة وقد يحدث طارئ أو سهو ولكن الغالب يكون متعمدا كنوع من العرف. لو رأيتم في الطريق سيارة تستخدم الإشارة لتغيير المسار والالتفاف يمينا أو يسارا فقد تكون هذه سيارتي. أعتقد أنني أكثر شخص يؤشر في الطريق وسوف أستمر في ذلك لعله يوما تستحدث جائزة لذلك فتكون من نصيبي. إن ما لم يفهمه أكثر السائقين أنني لا أؤشر من منطلق الشفافية بل لأن الاتجاه الذي أسلكه ليس سرا يجب المحافظة عليه. أضحكتني مؤخرا مقولة سمعتها ممن يعلمها أخوها القيادة، فعندما استخدمت الإشارة نهرها، وقال «العدو يجب ألا يعرف أين أنتِ ذاهبة». وإن قيلت هذه الجملة كدعابة إلا أن القيادة في شوارعنا مثل دخول المعركة فعلا. وإن لم يصبنا مكروه فإنها، على أقل تقدير، متعبة للأعصاب وتؤثر على السلوك. ففي حالاتي الخفيفة عندما أواجه سلوكيات همجية غبية أتساءل بيني وبين نفسي إن كانت أُم هذا السائق فرحة بابنها. أما في الحالات الصعبة فأجِد لساني ينبع بألفاظ تجعلني أتساءل إن كنت في حياة سابقة «بحارا». من المؤكد أن القيادة قربتني إلى الله، وهذا رد على من كان يحاول تحريمها، حيث إنني أصبحت أدعو ربي أكثر من قبل. فمع ركوب السيارة أتشهد وأدعو الله بأن يحفظني من كل سوء وعند الوصول أحمده حمدا كثيرا. الحمدلله أنني إلى الآن لم أكن طرفا في حادث، وإن تعرضت لأربعة مواقف كان فيها ذلك وشيكا. أحدها كان عندما قطعت سيارة ثلاثة مسارات بشكل متعامد على الطريق السريع وتوقفت أمامي تماما. وأخرى عندما كنت في المسار الأيمن ليأتي من هو في المسار الأوسط ويقطع طريقي عند الالتفاف يمينا. والثالثة عندما اتفق سائقا شاحنات أن يصنعا من سيارتي «ساندويتش» حيث كانا على جانبي سيارتي ودخل أحدهم إلى مساري. والرابعة كانت مشابهة عندما دخل شخص انشغل بجواله إلى مساري. الحمدلله الذي ستر وحفظني، ولكنني أتساءل أين عقوبة هؤلاء؟ هل عدم وقوع الحوادث يعفيهم من العقاب لسوء القيادة ومخالفة الأنظمة؟ أين كاميرات مراقبة الشوارع لترصد حالات تعريض الغير للخطر؟ لو استشرتوني في الأمر لاقترحت تعليقهم من أرجلهم على أعمدة الإنارة!، ولكنني أعلم أن ذلك قد يدرج من ضمن تشويه المشهد الحضري! لذلك لدي اقتراح بديل أوجهه للمرور وهو كالآتي: اقترح إلغاء سريان مفعول جميع الرخص السابقة بعد سنة من تاريخ الإعلان، بحيث يضطر جميع السائقين للخضوع لدورات وامتحانات مشددة، تختص بالسلوك أثناء القيادة والتقيد بالأنظمة، فليس كل من يعرف كيف تعمل السيارة صالحا لقيادتها. أثناء هذه السنة يتم جدولة إعادة إصدار الرخص وتلغى أية رخصة بعد ذلك ويشدد على من لا يحمل الرخصة. أما بالنسبة لمن يقودون وهم منشغلون بالجوال فلا تكفي غرامة ولا تكفي نقاط في الرخصة بل الحل هو الاتفاق مع شركات الاتصالات بأن يمنع من خدمة البيانات تماما على أي رقم جوال يمتلكه لمدة شهر على الأقل. إن كانت حوادثنا المرصودة تتصدر القوائم العالمية فلا بد أن الحوادث الوشيكة مرتفعة جدا. خالفوهم واحدا تلو الآخر؛ لئلا يبقى في الطريق غير من يتحمل مسؤوليته.