أدى جموع المصلين اليوم, صلاة الاستسقاءفى المسجد النبوى يتقدمهم وكيل إمارة منطقة المدينةالمنورة وهيب بن محمد السهلي. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم في خطبة الاستسقاء: ربنا سبحانه غني عظيم وكل من في السماوات والأرض فقير إليه خاضعٌ له, قال سبحانه :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ? وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ" ورحمته وسعت كل شيء وعنده خزائن كل خير, قال تعالى: " وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ" يده سبحانه ملأى لا ينقصها نفقة, لدائمة العطاء في الليل والنهار, قال عليه الصلاة والسلام : (أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه) متفق عليه واستطرد فضيلته بالقول: فالله سبحانه لا راد لفضله ولا ممسك لعطائه, قال عز وجل: " ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا * وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ * وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" قائم سبحانه بأرزاق عباده متكفل بها, قال عز وجل " مَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا * كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" نعمه سبحانه ظاهرة وباطنة لا تعد ولا تحصى, تأذن بالمزيد لمن شكر, وتوعّد بالعذاب الشديد لمن كفر قال تعالى " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ? وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ". وقال فضيلته : الماء نعمة عظيمة به حياة الأرض ومن عليها, قال تعالى " وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ * أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" ماء مبارك يجتمع من قطرات ثم تحيا به زروع وأمم, قال تعالى " وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ * وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا * كَذَلِكَ الْخُرُوجُ". وقال القاسم: بالماء امتن الله على عباده, وجعل إنزاله من دلائل ربوبيته وألوهيته, قال تعالى: " أفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ", واحتج به تعالى على تفرده بالإنعام وبطلان ما يدعى سواه, قال عز وجل : " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ". وبيّن فضيلته أن الذنوب أعظم دافع ورافع لهذه النعمة, قال تعالى: " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ" وما نقصت أرزاق العباد إلا من شؤم المعاصي وشرها, والذي يفوت بارتكاب المعاصي من الخير أضعاف ما يحصل من الشرّ, ومن كمال لطف الله ورحمته بعباده تعدّد النذر بين يدي عذابه ليرجع العباد إلى ربهم ويتوبوا إلى بارئهم قال عز وجلّ "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ". وأشار فضيلته إلى أن أعظم أسباب الخير ونزول الغيث تقوى الله والإيمان به, قال تعالى : " وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ" مضيفاً أن كمال النعم في الطاعة ولزوم الاستقامة, وبها الفرج ونزول القطر قال عز وجل : " وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا". وأكد أن حسن الظن بالله ورجاء ما عنده أمن وطمأنينة ودين وقربة, وأن اليأس من روح الله والقنوط من رحمته سوء ظن به تعالى, ومعصية يصحبها الاضطراب, كما أن الدعاء والتعلّق بالله هو العبادة والمخرج من كل ضيق وكربة, وبه استنزال الخير ودفع كل سوء, والله سبحانه قريب من عباده الداعين لا يخيّب من رجاه, ولا يردّ من دعاه. وأفاد أن التضرّع إلى الله مؤذن بكشف البلاء وحلول الرخاء, والإحسان إلى الخلق موجب بمحبة الله ودافع لغضبه وعقابه, والصدقة برهان على الإيمان وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار, وما استجلب قطر السماء وسعت الأرزاق بمثل استغفار الله والتوبة إليه, وبذلك أمر الأنبياء أقوامهم, وما دفعت الشدائد والمحن بأعظم من التوبة والاستغفار.