كثير منا لم يعرف طريق السعادة أو أحيانا لا تكون سعادته كاملة مع أنه يملك كل شيء ليكون سعيدا ولكنه ليس كذلك. فطر الإنسان على حب الدنيا واللهو وحب الكمال، وهذا ما يجعله دائما ينظر الى من هم أعلى منه مالا أو منصبا أو جمالا وهذا أحد الأسباب التي تجعله غير سعيد لأنه قد حرم القناعة. يقول والدي، إذا أحبك الله أعطاك القناعة والطمأنينة أي إنك راض وسعيد بما لديك حتى لو كنت لا تجد ما يسد حاجاتك أن تكون مسلم جميع أمورك لله وراضيا وقانعا بقسمته، وهذا يعطيك السلام الداخلي مع نفسك أي أن تكون متصالحا مع ذاتك وموقنا بأن لن يصيبك الا رزقك. أخذت أتساءل كثيرا وأبحث في من حولي عن تلك الصفة فوجدت أن الجميع ساخطون على أحوالهم، ينظرون دائما لمن هم أعلى منهم مع أنهم يملكون من الصحة والمال الشيء الكثير، ولكن هل القناعة مرتبطة بما تملك أم انها نعمة من الله لتريح قلوبنا عن فتن الدنيا وهمومها؟. يقول الدكتور محمد النابلسي عندما سألوه عن القناعة: (إذا آتاك الله الحكمة أعطاك السكينة والسكينة حالة من الرضا ومن السعادة من التفاؤل من القوة من الثقة بالنفس من سداد الرأي من صحة الرؤية، وهذه السكينة تسعد بها ولو فقدت كل شيء وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء). لذلك لو أدرك الإنسان حقيقة الدنيا وحقيقة الآخرة وما ينشأ بينهما لأدرك أن ما الدنيا الا متاع الغرور وما عند الله خير وأبقى لو كانوا يفقهون. ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على القناعة، وبيّن أنها طريق إلى السعادة والفلاح، فقال عليه الصلاة والسلام: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ». أخرجه مسلم عن عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. فما أجمل القناعة وما أسعد أصحابها لو تحلّى بها الناس؛ فإنّ ما يقع فيه الناس من خلاف وشقاق سببه الدنيا والتنافس عليها، سببه ضعف القناعة والرضا في القلوب.