بعد ذلك جاءت عملية تسمية الشوارع، وفي هذا السياق، قيل: إن العملية تمت بمجهود شخصي من قبل الرئيس الأشهر لبلدية الخبر المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الشعوان الذي تولى منصبه بدءا من عام 1952، حيث أطلق الشعوان على الشوارع المتجهة من الجنوب إلى الشمال أسماء أبناء الملك المؤسس من الأكبر فالأصغر بدءا بشارع الملك سعود الذي كان وقتها أول تلك الشوارع وكان ما يقع خلفه مياه بحر الخليج، وهو ما أربك هذا النسق لاحقا حينما ظهرت شوارع جديدة بفعل عمليات دفان البحر، فاضطرت البلدية إلى تسميتها بأسماء أمراء أصغر سنا من الملك سعود مثل أصحاب السمو الملكي الأمراء طلال وسعد ومساعد، فيما عدا شارع واحد أطلق عليه اسم الأمير تركي (تركي الأول بن عبدالعزيز) الذي هو أول وأكبر أبناء المؤسس. أما الشوارع المتجهة من الشرق إلى الغرب، بعد شارع الظهران، فقد تم ترقيمها ابتداء من الشارع الأول إلى الشارع الثامن والعشرين باستثناء شارع واحد من هذا النمط أطلق عليه الشارع (أ). ما يعنينا هنا أن شارع الملك سعود أعقبه (باتجاه الغرب) شارع الأمير- الملك لاحقا- فيصل ثم شارع الأمير محمد فشارع الأمير- الملك لاحقا- خالد بحسب الترتيب العمري كما أسلفنا. ولئن حظي شارع الملك خالد بشهرة مدوية بسبب انتقال معظم المحلات التجارية من شارع الملك سعود إليه كنتيجة لظهور عمارات عصرية حديثة على ضفتيه، وتقديم ملاكها لمغريات إلى التجار كالإعفاء من بدل الإيجار لمدة نصف عام مثلا، فإن الشارع الذي يقع خلفه مباشرة وعلى نفس امتداده وهو «شارع الأمير محمد» حظي هو الآخر بشهرة مستمدة من شهرة شارع الملك خالد وقربه منه، لا سيما وأن العمائر التي كانت تطل على شارع الملك خالد كانت واجهاتها الخلفية تطل على شارع الأمير محمد. يبدأ «شارع الأمير محمد» من شارع الظهران جنوبا ويسير في استقامة واحدة ويتخلله 27 شارعا من الشرق إلى الغرب وصولا إلى شارع 28 المعروف لدى العامة بشارع البيبسي بسبب وجود مصانع القصيبي لمشروب البيبسي فيه. وتسير الحركة المرورية في الشارع باتجاه واحد من الشمال إلى الجنوب، كونه أقل اتساعا من شقيقه شارع الملك خالد الذي كانت الحركة المرورية تسير فيه ذات يوم في اتجاهين. وتطل على شارع الأمير محمد الواجهات الخلفية لعدد من العمائر مثل عمائر السادة صدقة وسراج كعكي، وعمارة الدغيثر، وعمارة الشيخ عبدالرحمن سرور الصبان (عمارة الخان حاليا)، وعمارة عبدالرحمن الرحيمي وغيرها، كما كانت تطل عليها الواجهات الأمامية لعمارة الطبيشي، وعمارة التميمي والمزروع، وهما من العمائر التي أزيلت. أما أشهر المحلات التي افتتحت فيه منذ سنواته الأولى المبكرة، من تلك التي كانت تقع على ضفته المواجهة للشرق فقد اشتمل على: المؤسسة العالمية للسفر والسياحة لأصحابها أحمد حمد القصيبي وأولاده، ومحلات رجب وسلسلة للأدوات الكهربائية لأصحابها عبدالعزيز رجب وعبدالله سلسلة، وبقالة الجوهي لصاحبها سالم الجوهي، وخياط الولاية لتفصيل أطقم الملابس الأفرنجية، والمكتبة العالمية المتخصصة في بيع الكتب والصحف الأجنبية لصاحبها سعيد صلاح، ومحلات ابن عيسى لأحذية الرجال الانجليزية والأمريكية لصاحبها عمر بن عيسى العمودي، ومحل مجوهرات آسيا لصاحبه البحريني محمود جعفر، ومحلات باحمدان لبيع خيوط الصوف والكنفات، ومجوهرات الزين لصاحبها تاجر الذهب واللؤلؤ البحريني عبدالله بن حسن الزين، وصالون محمد أمين الباكستاني للحلاقة الرجالية، ومكتبة النهضة للأدوات القرطاسية لصاحبها عبدالله الأشقر، والمخبز الشرقي للخبز اللبناني والحلويات و«الكيك»، ومطعم عبده للمأكولات الشعبية والمشويات الشامية لصاحبه عبدالقوي الحلواني، وثاني محل للسندويشات في الخبر لصاحبه محمد الشامسي من رعايا إمارة الشارقة، وبقالة العائلات لصاحبها عبدالعزيز الملحم وشريكه السوري عمر العمودي، وملحمة أبوصياح، وملحمة أبوملحم، واستوديو الأندلس، و«ورشة الخبر الكهربائية» لتصليح المكيفات والثلاجات لأصحابها مجموعة من الشباب العدني، ومحل لبيع الدواجن الحية كالدجاج والحمام وغيرهما، وورشة يونس حوا لتصليح المكيفات والثلاجات، والمكتبة الأدبية لصاحبها أحمد بن عمر بايزيد لبيع الكتب والصحف والمجلات والأدوات القرطاسية، ومجموعة من محال تنظيف الملابس وكيها بالطرق التقليدية لأصحابها أشخاص من عائلة الحبابي اليمنية، ثم المداخل الخلفية لمطعم وكازينو الشجرة، ومطعم ومقهى كوكب الشرق. هذه التشكيلة من المحلات التجارية المتنوعة واجهتها في الضفة المقابلة من الشارع محلات كثيرة تخصصت في خياطة الملابس الافرنجية وكانت في جلها الأعظم لوافدين من باكستان ممن رحلوا عن الخبر تباعا ابتداء من أواخر الستينات وأوائل السبعينات، إضافة إلى أول محل في الخبر لبيع الدراجات العادية وقطع غيارها وإكسسواراتها لصاحبه البحريني «جاسم بن حجي»، ومحل سعود العيسى لبيع أجهزة «فليبس» الهولندية و«باي» الانجليزية، ومستودع أدوية الأهالي لصاحبه البحريني يوسف محمود حسين، ومتجر العلمين لبيع الألعاب وأدوات الزينة والاحتفالات وأيام الميلاد لصاحبه إبراهيم صباح سيادي، ومكتبة النجاح الثقافية لصاحبها محمد سعيد بابيضان وكانت تبيع القرطاسيات إلى جانب الصحف والمجلات وبعض الكتب، ومحلات المحمود لبيع الأصواف الأوروبية، ومتجر بومباي للعطارة والتوابل والمكسرات لصاحبه الهندي قطب الدين، ومتجر كشمير لبيع التحف النحاسية لصاحبه يعقوب خان ومحل الخياط نذير الذي كان متخصصا في تفصيل الملابس الأوروبية وبيع أقمشتها إلى جانب تفصيل وخياطة ملابس جنود بعثة التدريب العسكرية الأمريكية بمطار الظهران، ومصرف الأندوشين والسويس الذي أطلق عليه لاحقا اسم البنك السعودي الفرنسي، ومصرف «ألخيمينه نيذرلاند» الذي تحول فيما بعد إلى البنك السعودي الهولندي، وأول محل لبيع السندويشات لصاحبه عبدالرحيم عبدالله الحسن، ومحل العبسي لبيع الزيتون والمخللات والأجبان، والفرن الأوتوماتيكي للخبز العربي والافرنجي، ومتجر الفضلي لبيع لوازم المطبخ الهندي، ومجموعة من محال بيع الخضراوات والفواكه الطازجة، وأول فرع لمغسلة الخبر الوطنية لصاحبها الحاج عبدالله سلمان المطرود، ومعرض عبدالرحمن الشيخ عبدالوهاب الزياني لسيارات اللاندروفر الانجليزية. وبسبب وجود كل هذا الخليط من المحلات التجارية في الشارع فإن قاصدي شارع الملك خالد كان لا مفر أمامهم من المرور عليه والتسوق فيه، على أن الزمن جار على هذا الشارع مثلما جار على شقيقه شارع الملك خالد، فمن بعد تقاتل التجار ورجال الأعمال عليه من أجل الحصول على موطئ قدم فيه، ومن بعد أن كانت حافلات الشركات الأجنبية تقصده يوميا قاذفة به أو ملتقطة منه مئات الأسر لأغراض التسوق زمن الطفرة النفطية الأولى والثانية، اختفى توهج شارع الأمير محمد وألقه وازدحامه وضجيجه ليتحول إلى مكان شبه موحش يلفه السكون والهدوء وصمت القبور إلا ما ندر. لقد هجره معظم المتسوقين إلى مجمعات التسوق الكبرى المكيفة، فلم تعد الأعمال فيه مربحة وبالتالي فضل الكثيرون من التجار تصفية أنشطتهم فيه والرحيل إلى مكان آخر، ولم تبق فيه سوى حفنة من المحلات التي يقاوم أصحابها حكم الزمن وتحولاته. اعتماد النمط الشبكي في هندسة شوارع الخبر يشبه ما نُفذ بنيويورك حظي شارع الملك خالد بشهرة مدوية بسبب انتقال معظم المحلات التجارية له شارع البيبسي سمي بسبب وجود مصانع القصيبي لمشروب البيبسي فيه بعدما ظهرت الخبر على خارطة المنطقة الشرقية كتجمع سكاني حضري، وتوفرت بها بعض المرافق والخدمات العصرية المساندة لعصر النفط، كان لا بد من تخطيطها تخطيطا يليق بها، فتعاونت شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) مع بلدية الخبر وتوابعها في تنفيذ العملية. فكانت النتيجة تخطيطا هندسيا للشوارع والطرق والأحياء يشبه ما نفذ في مدينة نيويوركالأمريكية، حيث الشوارع مستقيمة ومتوازية من الجنوب إلى الشمال تتقاطع معها طرق مستقيمة ومتوازية أيضا من الشرق إلى الغرب، وهو ما أطلق عليه النمط الشبكي الذي لئن كان جميلا في الشكل فإن له بعض العيوب لجهة عدم مرونته بدرجة كافية لاستيعاب نمو وتمدد المدينة مستقبلا على ذات النمط، ناهيك عما تواجهه المركبات من إجهاد، وما يواجهه السائق من عناء التمهل والحذر الشديد عند كل تقاطع من التقاطعات المتكررة الكثيرة.