كما كان يخشى المسلمون الذين يتحدثون اللغة البنغالية، استبعدت السلطات في ولاية «آسام» حوالي 4 ملايين هندي يعيشون في تلك الولاية الحدودية من مسودة قائمة المواطنين، ما يعني حرمانهم من الجنسية، ووضعهم في مراكز احتجاز أو ترحيلهم خارج البلاد. وقالت صحيفة «غارديان»: إن حكومة «آسام» وضعت إجراءات أمنية صارمة، في حين أن رئيس وزراء الولاية سرباناندا سونوال، أخبر وسائل الإعلام المحلية بأن أولئك الذين يجدون أنفسهم عديمي الجنسية بين عشية وضحاها لا ينبغي أن يقلقوا. وقال سونوال في تصريحات صحفية لصحيفة «هندوستان تايمز»: إنه سيتم منح هؤلاء الفرصة لإثبات ادعائهم بالمواطنة، ولن يتم إرسال أي من هؤلاء الأربعة ملايين إلى المعتقل، ولن يتم التعامل مع أي شخص كأجنبي، وستتاح لهم فرصة كبيرة لإثبات أهليتهم. وفر مئات الآلاف من الأشخاص إلى الهند أثناء حرب استقلال بنغلاديش عن باكستان في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، واستقر معظم هؤلاء في ولاية «آسام» التي تقع على بُعد حوالي 270 كيلو مترًا من بنغلاديش. وتهدف القائمة التي أعدتها الولاية إلى التعرف على كل المقيمين الذين يمكنهم إثبات أن لهم جذورًا في «آسام» قبل مارس 1971، وبدأت بالفعل عملية حصر ضخمة للسكان منذ 3 سنوات لإثبات هوية نحو 33 مليون شخص عبر التلال والوديان والسهول في هذه الولاية الزراعية، وذلك تحت إشراف المحكمة العليا. وكانت هناك توترات شعبية ومجتمعية طويلة الأمد في الولاية، حيث نفذ السكان المحليون حملات ضد المهاجرين غير الشرعيين، ويرى النقاد أن اختبار المواطنة الذي أجرته الولاية بدعم من حكومة ناريندرا مودي التي يقودها القوميون الهندوس، يهدف لطرد الأقلية المسلمة. ففي 1983 قُتل العشرات من السكان على يد عصابات مسلحة كانت تخطط لمطاردة المهاجرين المسلمين. وقال رئيس حزب المؤتمر المعارض في الولاية، ريبون بورا: إنهم يحاولون عزل المسلمين وهذا العدد الذي وصلوا إليه كبير جدًا، وهو أمر مثير للدهشة وسنكافح ضده. ويقول بعض السكان: إن المهاجرين المسلمين قد غيّروا «ديموغرافية» الولاية، وهم مستاؤون من ذلك، وتتابع الصحيفة البريطانية بالقول: لكن العديد من المسلمين يرفضون تهمة أن وجودهم غير قانوني، ويقولون بغضب: إنهم ليسوا وحدهم بل أجدادهم ولدوا في «آسام»..! وفحصت أوراق كل شخص وسجلاته ونشرت المسودة الأولى للقائمة في أول يناير الماضي، وأدرج 19 مليون اسم، ومنذ ذلك الحين حققت السلطات في المزيد من المطالبات وإضافة عدد أكبر من الأسماء إلى السجل. ومع ذلك، فإن السجل النهائي لن يكتمل إلا بعد أن يستأنف 4 ملايين شخص استبعدوا من القائمة، وستتاح لهم الفرصة لإثبات ادعائهم للحصول على الجنسية. وذكرت «غارديان» في فبراير الماضي أن «آسام» تبني مركز اعتقال جديدًا للتعامل مع الأجانب الذين سيطردوا في السنوات المقبلة. وزار الناشط الحقوقي هارش ماندر العضو في اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بنيودلهى، مركزًا للاحتجاز في يناير الماضي، وقال: إنه شعر بالدمار لرؤية العائلات المنفصلة، والأشخاص الذين احتجزوا في السجون إلى أجل غير مسمى، لافتًا إلى أن بعضهم محتجز منذ عدة سنوات. وقال وزير الداخلية الفيدرالي الهندي راجنات سينج: إنه أمر حكومة «آسام» بعدم اتخاذ أي إجراء ضد أولئك الذين لا تظهر أسماؤهم في السجلات، وأخبر سينج، النواب بأنه لن تكون هناك عمليات ترحيل بناء على السجل ولا توجد حاجة لخلق ذعر لا داعي له. ونشرت حكومة «آسام» الخطوات التي يجب على 4 ملايين شخص غير مدرجين في القائمة اتخاذها لتصحيح الوضع، لكن القضية الأساسية بالنسبة للكثيرين هي أنهم لا يملكون وثائق تعود إلى عقود. وكثير من هذه العائلات أمية وفقيرة وليس لديهم أوراق ذات صلة لإثبات المدة التي عاشوا فيها بالولاية، وقال الناشط الاجتماعي راشانت بورا: إن القول بأنهم لديهم الفرصة لإثبات جنسيتهم أمر سهل، لكن فعليًا ليس هذا بالأمر السهل على الإطلاق.