نشر الزميل الأستاذ محمد آل الشيخ في إحدى الصحف المحلية بتاريخ 17/6/2018م مقالًا بعنوان (ماضينا الجميل وهم كاذب) ينتقد فيه من يحنّون إلى الماضي، ويقصد بالماضي حسب ما ذكر فترة الستينيات والسبعينيات التي عاشها في مدينة الرياض، وباعتبار عمري مقاربًا إلى عمره فهي نفس الفترة تقريبًا التي عشتها في مدينة الخبر، ويستغرب آل الشيخ من هؤلاء الذين يحنّون إليه فيقول فالماضي «على الأقل لنا في المملكة لم يكن جميلًا بقدر ما كانت تكتنفه كثيرًا الظواهر التي تجعله في المحصلة خاصة إذا ما قارناه بالمستوى المعيشي والخدمي الذي نعيشه الآن، حيث الرفاهية والخدمات التي تجعل من الحياة بالنسبة للفرد بمثابة النعيم مقارنة بما كان يعيشه الفرد في الماضي» ثم يقول «لذلك يمكن القول وبواقعية إن الماضي الذي يصفه البعض بالجمال، هو ليس كذلك البتة، فالحاضر الآن والمنجزات التي وصل لها الإنسان، على كل المستويات هو أفضل وبمراحل من الماضي، الذي كان في الغالب متعبًا، تكتنفه الأمراض والأوبئة، وتحيط به الصعوبات الحياتية بكل ما تحمله الكلمة من معنى». أتفق مع الزميل آل الشيخ فيما ذكره في الجانب المادي وهو التطور الذي لا يقارن بالماضي من ناحية المستوى المعيشي وتوفر الخدمات التي يسرت للفرد والمجتمع سبل العيش والرفاهية التي يعيشها المجتمع، ولكني أعتقد أن المقصود بالحنين إلى الماضي والذي نحنّ إليه والذي أغفله آل الشيخ ولم يذكره هو الجانب المعنوي سواء على مستوى الأسرة أو على المستوى الاجتماعي والذي فقدناه، فمثلًا كانت الأسرة في الماضي أكثر تآلفًا ومودة فيما بينها بل ليس الأسرة فقط وإنما كذلك الأقارب كانوا أكثر ترابطًا ومودة من الحاضر حيث كان التواصل والزيارات فيما بينهم التي لم تعد موجودة؛ بسبب تطور التقنية الحديثة وخاصة في مناسبة الأعياد التي كنا حريصين على الالتزام بها، في الوقت الحاضر بات بعضنا يكتفي بإرسال رسالة إلى بعض أقربائه عن طريق ال (واتس أب) ولا يكلف نفسه حتى الاتصال هاتفيًا لتهنئتهم بالعيد، أما في الجانب الاجتماعي فكانت الحارة هي النواة التي تجمعنا في هذه الفترة المبنية على المحبة والمودة وخوفنا على بعضنا، الحارة بمعناها الماضي لم تعد موجودة ومن النادر هذه الأيام أن تجد بعض أولاد الحارة يعرفون بعضهم، فكان الجار سابقًا حريصًا على التواصل مع جاره، ليس الجار الملاصق لبيته فقط وإنما حتى الجيران البعيدين عنه، أما في الوقت الحاضر فمعظمنا لا يعرف ما هو اسم عائلة الجار الملاصق لبيته، وربما لم يصادفه وهو خارج من بيته إلا نادرًا. هذا هو الماضي الجميل الذي نفتقده ونحنّ إليه والذي نتمنى أن يعود الزمن به؛ لأن الحاضر يكاد يقضي على التواصل الاجتماعي وجعل الفرد شبه منعزل عن أسرته وأقربائه وجيرانه بسبب تطور التقنية.