تزداد حركة السفر في أوقات الإجازات إلى داخل وخارج البلاد، لأهداف عدة، يغلب عليها جانب السياحة «Tourism» من أجل المتعة والنزهة والراحة والاستجمام والزيارة. ولدى الشباب إمكانات متاحة للاستثمار الأمثل للسفر بإثراء الأهداف المرجوة منه فلا تقتصر على البعد الترويحي، فيضيف إليها ما يحب من فوائد علمية واجتماعية واقتصادية وصحية... وفي ثقافتنا ما يشجع على هذا الإثراء كما في هذين البيتين للإمام الشافعي رحمه الله يقول فيهما: تغرب عنِ الأوطانِ فِي طلبِ العُلا *** وسافِر ففِي الأسفارِ خمسُ فوائِدِ تفرُجُ همٍ واكتِسابُ معِيشةٍ *** وعِلم، وآداب، وصُحبةُ ماجِدِ وديننا يدعو إلى الحركة النشطة في الأرض كما في قوله - تعالى -: ﴿هُو الذِي جعل لكُمُ الأرض ذلُولا فامشُوا فِي مناكِبِها وكُلُوا مِن رِزقِهِ﴾ الملك: [15] وقوله تعالى -: ﴿قُل سِيرُوا فِي الأرضِ فانظُرُوا كيف بدأ الخلق ثُم اللهُ يُنشِئُ النشأة الآخِرة﴾ العنكبوت: [20] وعندما يكون السفر مشروعا في مقاصده وأهدافه، فإن المسافر يحظى بمزايا خاصة، منها استجابة دعائه، لقوله - صلى الله عليه وسلم:((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن، دعوة المظلوم، ودعوة الوالد، ودعوة المسافر)) رواه أبو داود. والدعاء المأثور في السفر، تتضح فيه أهم المطالب التي يحتاجها المسافر من خير وبر، وتقوى وأعمال صالحة وتيسير الرحلة وحفظ الأهل والسلامة، كما كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إنا نسألُك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِن علينا سفرنا هذا، واطوِ عنا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل))، وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن: ((آيِبون، تائبون، عابدون، لربنا حامدون)) رواه مسلم. ومن المزايا كتابة أجر الأعمال الصالحة التي تفوت المسافر بالسفر وإن لم يعملها، لقوله - صلى الله عليه وسلم: ((إذا مرض العبد أو سافر، كُتب له ما كان يعمله مقيما صحيحا)) رواه البخاري، هذا مع تيسير العبادات برُخص السفر. والتوديع في السفر من السنن الجميلة التي تعزز أواصرالعلاقات في محيط القرابة والجوار سواء من جانب المسافر أو مودعيه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعُه)) رواه أحمد، ومما يقول المودع للمسافر: ((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك) رواه أبو داود. و جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر، فزودني، فقال: ((زودك الله بالتقوى))، قال: زدني، فقال: ((غفر الله ذنبك))، قال: زدني بأبي أنت وأمي، فقال: ((ويسر لك الخير حيثما كنت)) رواه الترمذي. وتعد العمرة من الوجهات المباركة للسفر والسياحة لا سيما في شهر ذي القعدة، قال أنس - رضِي اللهُ عنهُ -: ((اعتمر رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أربع عُمرٍ، كُلهُن فِي ذِي القعدةِ)) رواه الشيخان. فهي رحلة تكفير للخطايا، وتجديد للإيمان في القلب، وكسب الحسنات المضاعفة، وحسبك أن صلاة في الحرم بمائة ألف صلاة، إنها صفقة الملايين لو أدركت قيمتها.