أجرى الرئيس الامريكي دونالد ترامب مقابلة مع صحيفة الصن البريطانية، اعطى فيها لنفسه الحق بالتدخل فى الصراع بين رئيسة الوزراء تيريزا ماي ووزير الخارجية المستقيل بوريس جونسون حول كيفية الخروج من الاتحاد الأوربي «البريكست». وتحدث ترامب بلسان سلطة واثقة من نفسها كما يفعل فى بلده، حيث يسوي الخلافات فى الحزب الجمهوري، حول من يجب أن يصير السيناتور القادم لألاباما أو كارولينا الجنوبية، ولكن محاولته فى وقت لاحق للتراجع عن حديثه لا يغير من نبرة أو جوهر ما قاله. وقالت صحيفة الاندبندنت فى تقرير لها: إن هدف ترامب على المدى القصير كما هو الحال دائما، هو إظهار الجميع سواء كانوا اعداء أو حلفاء أضعف منه، وإظهار ذلك فى صدارة جدول أعماله الاخباري. والأخطر من ذلك بالنسبة لبريطانيا على المدي الطويل، هو أن كلماته المهيمنة، وضعت علامة على مستقبل العلاقات بين بريطانياوالولاياتالمتحدة والتى يمكن أن تكون قريبة من علاقة بين مستعمرة تابعة لدولة امبراطورية. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن المصطلحات التى استخدمها ترامب، هى نفسها التى اعتاد استعمالها أنصار البريكست. وكان وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، قال فى استقالته: إن خطة الخروج من الاتحاد التى قدمتها تيريزا ماى، خففت لدرجة كونها تعني أننا نتوجه بالفعل إلى وضع مستعمرة تابعة للاتحاد الاوربي. وكانت الحكومة البريطانية بزعامة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، أصدرت «الكتاب الابيض» حول علاقة بريطانيا المستقبلية بالاتحاد الأوربي، وهو ما أثار غضب أنصار الخروج التام من الاتحاد الأووربي. ووصل الأمر في هذا الأمر، إلى أن يذهب جاكوب ريس موغ المحافظ وزعيم انصار الخروج من الاتحاد، إلى فترة بعيدة من العصور الوسطى، من أجل تشبيه غريب، ليوضح أن بريطانيا ستفشل كليا فى الهروب من نير الاتحاد الاوربي بموجب كتاب حكومة ماي الابيض، ووصف النية بالبقاء ضمن سجل الاتحاد الخاص بالزراعة والسلع بأنه أعظم تركة منذ قيام الملك جون خامس ابناء الملك هنري والذي تولى الحكم بعد أخيه ريتشارد قلب الأسد، بالموافقة على الخضوع لفيليب الثاني ملك فرنسا عام 1200 فى لو جوليه ثم الهزيمة أمامه. واستخدام مثل هذا المثال الغامض، يظهر أن ريس موج يفكر بعمق فى الانتصارات العظيمة والخيانات الكبرى فى التاريخ الانجليزي، حتى قبل انشاء الامة البريطانية التي تضم ويلز واسكتلندا وايرلندا الشمالية. وقال ترامب: إن خطة الخروج من الاتحاد الحالية تستبعد التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمملكة المتحدة، ولكن حتى لو لم يتم التوصل للاتفاق التجاري مع واشنطن، فهناك عنصر قوي فى خيال وتفكير أنصار الخروج من الاتحاد لمستقبل بريطانيا الاقتصادي. لكنّ هناك ثمنا يجب على أنصار البريكست دفعه حول صورة بريطانيا ومكانتها فى العالم بعد ترك الاتحاد الاوربي، يتمثل في أن الاتحاد سيضعف، ولن يستطيع تحقيق التوازن مع الولاياتالمتحدة، وسوف يزداد اعتماد بريطانيا على أمريكا، وقد وصلنا للتو إلى مقدمات فظة لما يعنيه هذا لمستقبل بريطانيا فى مقابلة ترامب مع الصن. ويعرف ترامب أن بريطانيا ليس لها مكان آخر تذهب إليه، ويجب أن تثني ركبتهيا أمامه، وهو أمر أكده بسرعة رد فعل الحكومة المراواغ لتدخله غير المسبوق فى الشؤون الداخلية للمملكة. ومن الواضح ان بريطانيا ستعاني ولن تستطيع البقاء فى وضع ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى الأبد، وما نراه من سياسة ترامب «امريكا اولا» التي تمثل مزيدا من التقوقع الأمريكي، والكف عن السياسة الامبراطورية للولايات المتحدة. ويأمل البريطانيون من ناحيتهم أن تكون زيارة ترامب حلما سيئا مؤقتا، لكنها فى الحقيقة علامة مبكرة على واقع ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث لا يمكن لبلادهم، إلا لعب دور أقل فى العالم.