خفض الاتحاد الأوروبي توقعاته للنمو في منطقه اليورو للعام الحالي، في ظل الصراع التجاري المتنامي مع الولاياتالمتحدة والاضطرابات السياسية داخل الكتلة الأوربية والتي تهدد بتراجع الزخم الاقتصادي الذي استمر لسنوات. وذكر الاتحاد الأوروبي في تقريره الربع السنوي أن الناتج المحلي الإجمالي في دول اليورو سينمو بنسبة 2.1 % هذا العام، في مقابل توقعات سابقة بنحو 2.3 % خلال شهر مايو الماضي. وخلال العام المقبل سينخفض هذا المعدل إلى 2.0 %. ويقول تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، إن هذا التوجه التنازلي يعكس التوترات التجارية المتصاعدة بين الاتحاد الأوروبي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي أثارت تعريفاته الجمركية على صادرات الصلب والألومنيوم الأوروبي، ردود فعل انتقامية من جانب بروكسل علي المنتجات الأمريكية. ويواكب ذلك تهديدات البيت الأبيض بفرض المزيد من الضرائب على السيارات الأوروبية، وتلويح إيطاليا بالخروج من منطقة اليورو، لتواجه الكتلة الأوروبية «خطر الهبوط الكبير» بعد نمو الناتج المحلي الإجمالي بها بنسبة 2.4% العام الماضي، في أسرع وتيرة نمو في غضون 10 سنوات. وقال «فالديس دومبروفسكيس» نائب رئيس المفوضية الأوروبية - وهي السلطة التنفيذية للاتحاد الأوربي -: إن وجود بيئة خارجية غير مواتية مثل تنامي التوترات التجارية مع الولاياتالمتحدة يمكن أن يُقلص الثقة ويجهض التوسع الاقتصادي برمته. وقال «بيير موسكوفيتشي» رئيس الشؤون الاقتصادية والمالية بالمفوضية الأوربية: إن ارتفاع أسعار الطاقة والشكوك المثارة حول السياسات التجارية يضغطان أيضا على النمو بالرغم من السياسات النقدية التيسيرية من جانب البنك المركزي الأوروبي. وقال الاتحاد الأوروبي: إن التضخم في منطقة اليورو، يرتفع بعد سنوات من السياسات النقدية الفضفاضة ليقترب من هدف البنك المركزي الأوربي الذي يسعى لإبقاء التضخم عند مستوى أقل من 2%، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة. وقد رفع الاتحاد هذا العام توقعات للتضخم من 1.5% إلى 1.7%، وأشار إلى أن الزيادات في أسعار المستهلكين ستظل ثابتة عند 1.7% في العام المقبل، مقارنة ب 1.6% كانت متوقعة في السابق. وبحسب التقرير فإن البنك المركزي الأوربي سوف يرجئ رفع سعر الفائدة إلى ما بعد صيف 2019. وأظهرت التقارير حول اجتماع البنك المركزي الذي عقد في الشهر الماضي أن المسؤولين تركوا صراحة خيار توسيع برنامج شراء السندات مفتوحاً في ظل المخاوف السائدة بشأن التجارة. ومن المتوقع أن تستهدف دول اليورو رياحا معاكسة أخرى من إيطاليا والتي يتطابق نمو الناتج المحلي الإجمالي لها هذا العام والبالغ 1.3% مع بريطانيا، ولكنه يتخلف عن باقي الاقتصادات الأخرى في الاتحاد الأوربي. ويقول التقرير، إن الحكومة الشعبوية الجديدة في روما تعارض بشدة حدود الإنفاق العام في منطقة اليورو وتسعي إلى زيادة إنفاقها لتأمين النمو الاقتصادي. وبحسب موسكوفيتشي فإن المشاكل التاريخية المرتبطة بانخفاض الإنتاجية تعيق الاقتصاد الإيطالي مشيراً إلى أنه سيتعين حل هذه التحديات الهيكلية أولاً وقبل كل شيء، كما يجب على الحكومة الإيطالية بعد ذلك أن تحدد خياراتها. وحذر في الوقت نفسه من التأثير الاقتصادي للتعريفات الأمريكية الخاصة بالمعادن والتدابير الأوربية المضادة. وبحسب التقرير يهدد الرئيس ترامب بتطبيق ضريبة جمركية بنسبة 20 ٪ على السيارات الأوروبية وتحقق إدارته فيما إذا كانت واردات السيارات الأوربية إلى الولاياتالمتحدة تشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي. وهناك دلائل قليلة على أن المسؤولين في الاتحاد الأوروبي سيكونون قادرين على إقناع البيت الأبيض بنزع فتيل الحرب التجارية. ورداً على سياسة «أمريكا أولاً» والتي يتبناها ترامب، يحذر الاتحاد الأوروبي بأن منطقة اليورو والاقتصاد العالمي سيعانيان جراء السياسات التي تقوض النظام التجاري الدولي. ويخلص التقرير إلى التأكيد على أن تصعيد الإجراءات الحمائية ستكون خطراً سلبياً واضحاً، وأنه ليس ثمة فائز في الحروب التجارية وإنما الجميع خاسرون.