ينظر إلى نجاح انجلترا في التأهل للدور قبل النهائي لكأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى منذ 28 عاما على أنه تطور كبير منح الجمهور فرحة غائبة بعد طول معاناة، لكن هناك نقاط قصور واضحة سيتعين على المدرب جاريث ساوثجيت معالجتها بعد تراجع موجة المشاعر الجياشة. وأسهمت خسارة انجلترا 2-1 أمام كرواتيا في الوقت الإضافي في الكشف عن نقاط ضعف في فريق المدرب ساوثجيت الذي يفتقد للخبرة، وهي ثغرات ظهرت في أوقات سابقة بالبطولة لكنها توارت في كثير من الأحيان خلف ستار الفرحة بتحقيق نجاح لم يكن متوقعا. ورغم كل الأحاديث عن أسلوب جديد وعصري في كرة القدم يعتمد على تمرير وتناقل الكرة، الا أن انجلترا وجدت صعوبة في بدء الهجمات من الخلف والاحتفاظ بالكرة في منطقة وسط الملعب عندما تعرض لاعبوها لضغط حقيقي. ولو كان نجح في التأهل للمباراة النهائية في موسكو لمواجهة فرنسا -التي تملك تشكيلة استطاعت تحييد مواهب عالمية مثل كيفن دي بروين وايدن هازارد في بلجيكا- لكان قد اتضح بشكل كبير مدى محدودية قدرات الفريق. وحاول المدرب ساوثجيت تعويض عدم وجود لاعب يمتلك موهبة إبداعية حقيقية في خط الوسط من خلال وضع خطة لعب ترتكز على الهجوم من الجناحين مع الاعتماد على المهاجمين المتأخرين في تقديم الأداء الأكثر صعوبة أمام المرمى. ونجحت هذه الطريقة في بعض فترات البطولة. ولكن في مواجهة منافسين أقوياء افتقدت انجلترا للاعب قادر على فرض إيقاع اللعب في منطقة وسط الملعب. ولن يكون حل هذه المشكلة سهلا، فمثل هذا اللاعب غير متاح حاليا أمام ساوثجيت ولا توجد أي إشارة في الوقت الراهن على إمكانية ظهور «نسخة انجليزية من لوكا مودريتش» في الدوري الإنجليزي الممتاز. ولهذا ستكون هناك حاجة للبحث عن المزيد من الأفكار الخططية. ورغم هذا فإن هذا المنتخب أبعد ما يكون عن نظيره الذي انهار قبل عامين وخسر 2-1 أمام أيسلندا في دور الستة عشر لبطولة أوروبا 2016، كما أن هذا الفريق أفضل من التشكيلة التي خرجت من دور المجموعات في نسخة 2014 من كأس العالم في البرازيل.