بدون إثارة.. بدون ألم.. بدون لحظات صعبة.. واصل منتخب إنجلترا في ثوبه الجديد تقدمه بالفوز 2-صفر على السويد، ليتأهل إلى الدور قبل النهائي في كأس العالم لكرة القدم. وبدلا من المعاناة قدم منتخب إنجلترا أداء محترفا ومنضبطا كان يمكن أن يفخر به منتخب ألمانيا في كأس العالم. وبعد المعاناة والقلق والسعادة الجنونية في تغلب إنجلترا في دور الستة عشر على كولومبيا، تحول هذا الانتصار إلى محاولة الفوز بأقل مجهود في دور الثمانية في كأس العالم. وبالتأكيد كانت مواجهة فكر فيها المدرب جاريث ساوثجيت عندما اختار عدم البحث عن صدارة مجموعته، عندما خسر أمام بلجيكا في ختام المجموعة السابعة. والهزيمة أمام بلجيكا جعلت إنجلترا في مواجهة منافس يعتمد على الاجتهاد وليس البرازيل في دور الثمانية، وبينما لم تكن مباراة مثيرة لعبت إنجلترا بهدوء زرعه المدرب ساوثجيت في الفريق. وتفادى مدرب إنجلترا أخطاء من سبقوه في اختياراته للتشكيلة، وأثبت قراره بالاعتماد على جوردان بيكفورد حارس إيفرتون الشاب بدلا من جو هارت صاحب الخبرة نجاحه. ورغم قوة إنجلترا في الدفاع كانت بحاجة للحارس البالغ عمره 24 عاما الذي تحول إلى بطل في ركلات الترجيح ضد كولومبيا لإنقاذ ثلاث فرص خطيرة ليحبط السويد. وفي آخر مرة بلغت فيها إنجلترا الدور قبل النهائي لم يكن بيكفورد قد ولد بعد ونقل ثقته وإيمانه بقدراته إلى دفاعه. وربما كان يمكن أن يشعر المدربون السابقون بالقلق من افتقار هاري ماجواير للخبرة على المستوى الدولي، لكن مرة أخرى قدم مدافع ليستر سيتي أداء مذهلا وافتتح التسجيل بضربة رأس رائعة. وأحرزت إنجلترا ثمانية من 11 هدفا لها في البطولة من الركلات الثابتة، وهو أمر يعود الفضل فيه للعمل الذي قام به ساوثجيت ومساعدوه في التدريبات في هذا الجانب المهم. إنجلترا الذكية لكن الأهم لانجلترا أكثر من أي شيء آخر هو الذكاء في اتخاذ القرارات على أرض الملعب. وأبرز دليل على ذلك عندما لمح الظهير كيران تريبيير تأهب دفاع السويد للتعامل مع تمريرته لهدفه المعتاد هاري كين. وغير تريبيير خطته ليمرر الكرة إلى جيسي لينجارد الذي لعبها لزميله ديلي آلي غير المراقب ليحرز الهدف الثاني بضربة رأس. قرار صحيح.. تنفيذ ممتاز.. تم انجاز المهمة. واضطر القائد كين للتراجع للخلف أكثر مما تفضل إنجلترا لكن ذلك أجبر دفاع السويد على تفكيك خطوطه والحصول على مساحات للاعبين مثل لينجارد ورحيم سترلينج. وقال كين: "كان أداء ناضجا في مباراة تمثل ضغطا كبيرا. كنا نعلم أننا سنستحوذ على الكرة كثيرا لكني اعتقد أننا سيطرنا عليها جيدا وتحركنا سريعا". وفي السابق عانت إنجلترا أمام منافسين يتراجعون للدفاع ويتركون الاستحواذ على الكرة لها، لكن هذا الفريق يتحلى بالصبر والكفاءة الفنية وهو ما وصفه ساوثجيت ب"مرونة ذهنية" للاستمرار في تحقيق النتائج دون مبالغة. وكل الفرق الأوروبية التي نالت اللقب في النسخ الأخيرة تمتعت بهذه الكفاءات سواء كانت المانيا في 2014 أو اسبانيا في 2010 أو ايطاليا في 2006. وقدمت هذه الفرق أداء ممتعا لكنها عندما احتاجت للفوز حققته أمام فرق منظمة. وقال ساوثجيت: "واجهنا منافسا يملك شخصية واضحة ويلعب بطريقة جماعية أغلب الوقت. بعد إجبارنا على إظهار كل المشاعر هذا الأسبوع اليوم كان اختبارا حقيقيا". وأضاف: "كان دليلا على نضج هذا الفريق الذي يتطور أمام أعيننا". وبالتأكيد هو كذلك ويستحق ساوثجيت الذي يبدو في المعتاد كمعلم يساند تلاميذه وليس كمدير صاحب سلطة الإشادة بسبب رعايته لهذا التطور.