من العنوان سيتذكر عشاق الأفلام العربية الفيلم الشهير «شادر السمك» الذي يعد من افضل أفلام أواسط ثمانينيات القرن الماضي، قصته بسيطة ومعبرة، وفيه حبكة درامية منطقية، المهم عندي جزئية مهمة في الفيلم جسدت انطلاق الحبكة، والصراع في العمل الدرامي، تمثلت بدخول السيدة «جمالات» إلى سوق بيع السمك مع الرجال الذين كانوا يحتكرون العمل والحضور فيه، جمالات أرملة فقيرة أرادت أن تكسب قوتها من العمل في السوق، ولكن منعها أباطرة السوق من كبار المعلمين الذكور من البيع في الداخل لانه ليس لديها محل وسمعت منهم كلمة: «ما عندناش ستات تقف في الشادر» ومنعها القانون من العمل خارج الشادر لان ذلك غير متاح بنص القانون. تغلبت السيدة المسكينة على تلك العقبات بعد ان وقف بجانبها أحد عمال السوق، وتزوجها وتغيرت الأحوال بالاثنين وبكل شخصيات الفيلم. كلمة شادر تعني ضمنا في اللهجة المصرية «سوق» أو المكان المخصص لبيع الأسماك، لذا نجد انه في أكثر من محافظة مصرية شادر خاص بالسمك، وتعني كلمة شادر في اللغة مخزنا او مستودعا. أسترجع معكم كل هذه المعلومات لحادث غريب تزامن مع انقضاء الأسبوع الأول للسماح للسيدات في المملكة بقيادة السيارات، ونقل لنا صوتا يقول: «ما عندنا نسوان يسوقون»!! هذه العبارات على الرغم مما فيها من تعد على القانون، والنظام، والحقوق الفردية للناس، وسلامة وأمن واستقرار المجتمع إلا أن الاحداث تجاوزتها إلى ما هو اشنع، إلى الفعل المتعمد بحسب رواية صاحبة السيارة السيدة فاطمة الشريف التي صورت مقطعا مرئيا لاحتراق سيارتها في وقت متأخر من الليل، وعزز ما نشر في المقطع لقاء صحفي معها اكدت فيه انها مواطنة سعودية تبلغ من العمر 31 عاما متزوجة وتساعد والديها المسنين، عبر عملها كبائعة في سوق مركزي براتب أربعة الاف ريال، كانت تقتطع نصفه للسائق الذي كان يساعدها في الوصول الى عملها، ورأت ان تُحسن حياتها ودخلها وتساعد ابويها المسنين، والموافقين على قيادتها للسيارة وكذلك زوجها، فاشترت سيارة بمعونة احدى القريبات، واستوفت مسوغات القيادة النظامية. وتقول وعبر اللقاء الصحفي المطول معها انها منذ الأيام الأولى استمعت إلى استهزاء تطور إلى الفاظ نابية ثم وعيد، وتهديد ممن سمتهم أولاد الحارة، وحددت أحدهم بحسب الصحيفة التي اجرت الحديث. جناية حرق سيارة المواطنة كأنها جريمة مرتبة ولا تحتاج من الجهات المختصة كثير عناء لإثبات أن هناك حالة احتقان وراء هذا العمل أنتجت لنا حادثة الحرق، والمقاطع الموجودة لبعض من تتهمهم السيدة صاحبة السيارة يتضمن صورة اشتعال السيارة المنكوبة وتعليق صوتي يقول: «الله ينصر اللي أحرق السيارة» الحادثة وقعت في المنطقة الغربية وفي إحدى القرى القريبة من مكةالمكرمة. إذا ثبت للجهات المختصة أن الحريق تم بفعل فاعل، وإذا تبين أن دوافع الاعتداء تتجاوز الدوافع التقليدية بين اهل الحارة، إلى عدم قبول سلوك مقنن جديد في المجتمع فنحن امام نسخة جديدة من شادر السمك، المتخيل والمشخص سينمائيا إلى حالة صراعية اجتماعية في شادر السيارات، وقيادتها. القرار جاء بحلول لأسرة قدمتها لنا الاحداث كعينة عشوائية، سعت السيدة التي تقوم على اعالتها إلى ترتيب ظروفها المعيشية وخدمة ابويها، طبعا مع موافقة الزوج، والأب. ودعم من أطراف اسرية ساهمت في اقتناء المركبة. أُعدد هذه العناصر لأشير بوضوح إلى عناصر القبول الاجتماعي اللصيقة بمن اتخذت القرار، بعد ان أصبح متاحا بنص النظام. وفي الجهة الأخرى تتبين لنا سطوة وسلطة رجال الشادر، الكلمة اليوم للنظام الذي يُتأمل ان يكون مظلة للجميع، والنظام واضح، ومعلن منذ مدة، وخرقه تعدٍ غير محمود على سلامة الناس، والمجتمع.