منذ حوالي 17 عاما كان «ستيف بالمر» الذي كان حينها رئيس شركة مايكروسوفت - أكبر شركة برمجيات في العالم- يصف نظام «لينكس» بالسرطان؛ لأن البرمجيات مفتوحة المصدر تعني موت البرمجيات الاحتكارية. وفي الرابع من يونيو الجاري أعلن خليفته «ساتيا نادالا» أن الشركة ستستحوذ على منصة «جيتهاب» للبرمجة -وهي المصدر الرئيس لمثل هذه الأورام الخبيثة- بحسب وصف تقرير مجلة الايكونوميست في صفقة تصل قيمتها إلى 7.5 مليار دولار، التي تمثل علامة أخرى على التحول الحديث والمذهل لشركة مايكروسوفت. وبحسب التقرير فإن منصة «جيتهاب» ليست مألوفة اجتماعياً ولكنها تضاهي في أهميتها شركة «فيسبوك» بين ملايين المبرمجين والمطوريين وهو ما يفسر السعر المذهل لشركة لم تحقق مكاسب سوى 200 مليون دولار من الإيرادات في العام الماضي. ويتجمع المطورون من كل مكان في المنصة لتطوير البرمجيات الخاصة بهم أو المشاركة في تطوير مشروعات آخرين أو حتى الإبلاغ عن مشكلة في البرمجة بحثاً عن حل لها. وقد هاجر إليها ملايين من رموز البرمجة بفضل سهولة الاستخدام والتقنية الفائقة لها. ولفهم أهمية هذه الشركة، يوضح تقرير المجلة البريطانية، أن أكثر من 28 مليون مطور عالميا يحتفظون برموزهم على موقع الإنترنت، التي تقدم جميع أنواع الأدوات والخدمات والأكثر أهمية من ذلك أن تقنية هذه الشركة تسمح للبرمجيات سواء أكانت مفتوحة المصدر أم لا بجمع الرموز من مختلف المساهمين بسهولة. وتسعي مايكروسوفت بهذه الصفقة للعودة للجذور، عندما استحوذ نظام التشغيل الرئيس لها «ويندوز» على الحوسبة في التسعينيات. ولكن الشركة خسرت دورها كمنصة رئيسة للمبرمجين لأنها حصلت على بداية متأخرة على شبكة الإنترنت. وفي المقابل اكتفت بمحاربة البرمجيات مفتوحة المصدر، بينما فقدت اللحاق بركب الحوسبة المتنقلة، وظلت مايكروسوفت تدفع بويندوز في كل مكان على الرغم من أن العالم كان قد تجاوزه. وبحسب التقرير لم تتغير إستراتيجية الشركة إلا عندما تولى «نادالا» رئاستها عام 2014، حيث أعاد تأسيس مايكروسوفت كشركة منصات برمجية ولكن على مستوى أعلى وإحدى منصات الحوسبة المهمة حاليا هي الحوسبة السحابية. ومن المنصات المهمة الأخرى شركة «لينكد إن»، التي استحوذت عليها مايكروسوفت في عام 2016 والتي وفرت كشبكة تواصل اجتماعي إمكانية الوصول إلى مجموعة الاتصالات بين المهنيين والكثير من البيانات. ويقول التقرير إنه يجب رؤية صفقة «جيتهاب» في نفس السياق، حيث تستخدم مايكروسوفت الخدمة بالفعل في الكثير من برامجها الخاصة وقد يصبح المطورون الآن أكثر ميلا إلى تسجيل برامجهم في سحابة الشركة «مايكروسوفت أزور»، وهو نظام تشغيل سحابي لبناء وتزويد وإدارة التطبيقات على شبكة الانترنت. وعلى الرغم من أن مايكروسوفت قد وعدت بأن «جيتهاب» ستبقى مستقلة وتحتفظ بحالتها كمنصة مفتوحة، فإن العديد من المطورين وهم مجموعة معتبرة، ليسوا سعداء حيث لا يزالون يرون أن مايكروسوفت هي محطة الفضاء «نجمة الموت» على غرار أفلام حرب النجوم، التي تقتل كل شيء في مرمى بصرها. ولكن يبدو أنهم فهموا الصفقة بطريقة خاطئة، فالاتفاق دليل نهائي على فوز «القوات الغازية» لأن معظم أسواق البرامج الكبرى أصبحت تنتمي إلى برمجيات المصدر المفتوح وهو الوضع الأصلي الآن.