حين يجلس دونالد ترامب وكيم جونغ أون وجها لوجه اليوم الثلاثاء، في قمة غير مسبوقة، ستتاح للرئيس الأمريكي فرصة فريدة لدفع قضية السلام قدما مع الزعيم الكوري الشمالي، غير أن عدة مواضيع شائكة تبقى مطروحة بينهما. ويشكل نزع السلاح النووي جوهر المشكلة، ويسعى الدبلوماسيون جاهدين لردم الهوة التي لا تزال تفصل بين مواقف الطرفين عشية اللقاء. نزع الأسلحة وتطالب واشنطن بنزع الأسلحة النووية بصورة كاملة يمكن التثبت منها ولا عودة عنها لكوريا الشمالية، وقال ترامب بهذا الشأن: عليهم نزع أسلحتهم النووية، إذا لم ينزعوها، لن يكون الأمر مقبولا. ومن جانبها، تؤكد بيونغ يانغ مرارا التزامها بهدف جعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الاسلحة النووية، غير أن هذه الصيغة يمكن أن تحمل عدة تأويلات ولم تعرف أي تنازلات يمكن للشمال تقديمه. وبحسب تقديرات سوول، فإن الشمال يملك 50 كيلوغراما من البلوتونيوم، أي ما يكفي لصنع حوالى عشر قنابل نووية. تقدم المحادثات ومن ناحيته، صرح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، صباح أمس، بأن المحادثات مع كوريا الشمالية تتقدم بسرعة أكبر من التوقعات، مضيفا: ان المفاوضات ما زالت جارية قبل ساعات من انعقاد القمة التاريخية بين ترامب وكيم. وأكد بومبيو مجددا على أن العقوبات ستظل بموجب أي اتفاق يتم التوصل إليه بين الرئيس الأمريكي والزعيم الكوري الشمالي، حتى توافق بيونغ يانغ على تقديم دليل يمكن التحقق منه، بأنها تتابع نزع السلاح النووي. وقال بومبيو في سنغافورة: إن بلاده خدعت من قبل، مضيفا: ولن تسمح بحدوث ذلك مرة أخرى. «سيف» كيم وسبق أن سقطت اتفاقات بهذا الصدد، ويحذر الخبراء بأنه لن يكون من السهل على الزعيم الكوري الشمالي التخلي عن قوته النووية الرادعة التي يعتبرها بمثابة «سيفه العزيز». ويرى الخبراء أن تفكيك ترسانة نووية بناها الشمال في السر على مدى عقود يتطلب عدة سنوات، محذرين بأن مراقبة الآلية ستكون في غاية الصعوبة. وقال الخبير الأمريكي المعروف سيغفريد هيكر: ان نزع السلاح النووي بصورة تامة وفورية أمر لا يمكن تصوره وسيكون أشبه بسيناريو استسلام كوريا الشمالية. وكانت الحرب الكورية التي استمرت بين 1950 و1953 توقفت بهدنة رفض الزعيم الكوري الجنوبي آنذاك توقيعها، ونصت على إنشاء المنطقة المنزوعة السلاح التي كرست تقسيم الكوريتين. واتفق كيم والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن، خلال قمتهما في أبريل على السعي للتوصل إلى اتفاق سلام. اتصال هاتفي في غضون ذلك، قال المكتب الرئاسي في كوريا الجنوبية: إن الرئيس ترامب تحدث بالهاتف مع نظيره الكوري الجنوبي مون، قبل يوم من القمة التاريخية. ولم يكشف البيت الأزرق تفاصيل أكثر، لكنه قال في بيان: إنه سيقدم إفادة في وقت لاحق بشأن المكالمة الهاتفية بين ترامب ومون. وقالت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء: إن الرئيسين ناقشا مسائل نزع السلاح النووي. وأعلنت سوول الأسبوع الماضي عن محادثات ثلاثية تجري مع بيونغ يانغ وواشنطن من أجل التوصل إلى إعلان أولي حول الموضوع. وسيكون هذا الإعلان تمهيدا لمعاهدة فعلية تعالج مشكلات معقدة تتطلب مفاوضات شاقة، وسيتحتم إشراك الصين فيها بصفتها موقعة على الهدنة وداعمة للشمال خلال الحرب. تطبيع العلاقات ولوح الرئيس الأمريكي بمسألة تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين العدوين السابقين، وربما دعوة الزعيم الكوري الشمالي إلى البيت الأبيض. وقال ردا على سؤال عما إذا كان سيدعو كيم إلى واشنطن أو إلى منتجعه في مارالاغو بولاية فلوريدا: ربما يمكننا أن نبدأ بالبيت الأبيض، ما رأيكم في ذلك؟. والعامل الآخر الذي يمكن أن يحض بيونغ يانغ على التوصل إلى تسوية هو رفع العقوبات الدولية عنها، لكن الهوة تبقى عميقة هنا أيضا بين الطرفين، إذ تشترط واشنطن من أجل ذلك نزع الأسلحة النووية بصورة كاملة، فيما تطالب بيونغ يانغ برفع العقوبات على مراحل بالتزامن مع تحقيق تقدم نحو الهدف. انتهاكات معممة وفي شأن حقوق الإنسان، يؤكد مدافعون عنها أن الانتهاكات معممة في كوريا الشمالية حيث يقبع ما يصل إلى 120 ألف سجين في معسكرات الاعتقال، ويتساءل البعض: إن كان ترامب سيطرح هذا الموضوع. وتطلب اليابان، حليفة واشنطن المقربة، من الرئيس الأمريكي طرح مسألة رعاياها الذين خطفوا في السبعينيات والثمانينيات لتدريب جواسيس كوريين شماليين على اللغة والعادات اليابانية. ويشدد مدير هيومن رايتس ووتش لآسيا براد آدامز على ضرورة طرح الموضوع. وقال: «إن تعزيز الحوار بين كوريا الشمالية والدول الأخرى أمر إيجابي، لكن قبل الإسراف في الحماسة، علينا أن نتذكر أن كيم جونغ أون هو على رأس نظام قد يكون الأكثر قمعا في العالم». ويتمسك كيم بشكل أساسي باستمرار نظامه، وأوضح مون أن الزعيم الكوري الشمالي لديه مخاوف بشأن التثبت مما إذا كان بوسعه ان يثق في الولاياتالمتحدة من أجل أن تضع حدا لسياستها العدوانية وتضمن سلامة النظام حين يتخلى الشمال عن سلاحه النووي.