شقت التكنولوجيا طريقها بقوة إلى عالم الزراعة شأنها شأن كافة مجالات الحياة حولنا، وارتفع إجمالى الاستثمارات الموجهة للتكنولوجيا الزراعية بنحو 4.6 مليار دولار، ويبدو أن هذا التوجه آخذ في النمو في ظل التحديات التي يواجهها الإنتاج الزراعي الذي يجب أن يزيد بنحو 60% بحلول عام 2030 من أجل تلبية احتياجات سكان كوكب الأرض من الغذاء. وبحسب تقرير لمجلة (فوربس) الأمريكية يجب على كافة العاملين في هذه الصناعة سواء كانوا مزارعين أومنتجي أغذية أن يستجيبوا للتحولات الرقمية الجارية في الزراعة، وتوظيف التكنولوجيا بوصفها مورداً مستداماً وقابلاً للتطوير. ويسرد التقرير سلسلة من هذه التحولات. وفي هذا الصدد يقول التقرير، إن انترنت الأشياء يسهم في عملية جمع الموارد الزراعية وفحصها وتوزيعها باستخدام أجهزه الاستشعار. كما تسمح أجهزة الاستشعار التي يجري توزيعها حول الحقول إلى جانب تكنولوجيا فحص الصور بمتابعة المزارعين لمحاصيلهم من أي بقعة في العالم. فهذه المجسات ترسل للمزارعين كافة المعلومات الآنية عن محاصيلهم، بما يمكنهم من التدخل في الوقت المناسب. كما يمكنهم متابعة حاجة المحاصيل إلى المياه أو أي أنواع أخرى من المخصبات، وهو الأمر الذي يُسهم في نهاية المطاف في رفع إنتاجية المحاصيل الزراعية مع أقل نسبة من الفاقد. ومثلما يجري استخدام أجهزة استشعار داخل الحقول، يتم تركيب أجهزة مماثلة بالمعدات الزراعية لتتبع حالتها ومعرفة مدى حاجتها للصيانة. ويجري في الوقت الراهن تصنيع الجرارات وغيرها من المعدات الزراعية بحيث تكون مزودة بنظم الملاحة ومجموعة متنوعة من أجهزة الاستشعار، التي تمكنها من رسم خرائط الحصاد وتنفيذه بكفاءة دونما إهدار. تستخدم الطائرات بدون طيار لرصد المحاصيل على نطاق واسع في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة من أجل وقاية المحاصيل من الجفاف وغيره من العوامل البيئية الضارة. ويمكن استخدام الطائرات التي تنتج صورا ثلاثية الأبعاد للتعرف على نوعية التربة من خلال تحليل أنماط نمو النباتات بها. كما يجري استخدامها أيضاً في رش الكيماويات على المحاصيل. شأن استخدامها داخل العديد من الصناعات، سيؤدي استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي داخل الزراعة إلى تحسين ورفع إنتاجية المحاصيل. ويجري في الوقت الراهن تطوير روبوتات قادرة على رش المبيدات وإزالة الأعشاب الضارة. كما يجري تجرية روبوتات مزودة بالليزر وكاميرا موجهة لتحديد وإزالة الأعشاب الضارة دون تدخل بشري. وهو ما سيسهم في خفض القوى العاملة داخل قطاع الزراعة. كما تقوم شركات أخرى بتطوير روبوتات قادرة على زراعة النباتات وأخرى قادرة على قطف الثمار. وبعد حصاد المحاصيل، يمكن استخدام أجهزه الاستشعار التي تعمل بموجات الراديو لتتبع المواد الغذائية من الحقل إلى المتجر. وبالتالي يتمكن المستهلك النهائي من التعرف على مسيرة الطعام الذي يستهلكه بداية من المزرعة وحتى مكان الشراء. ولا شك أن هذه التكنولوجيا سترفع الثقة لدى المستهلكين مثلما ستعزز التزام المنتجين بتوفير سلع طازجة وخالية من أي أضرار. كما تسهم نظم التتبع في تخفيف القلق بشأن أمراض الحساسية والاحتياجات الصحية الأخرى للمستهلكين. أما بالنسبة للمزارعين، فسيكونون أكثر ارتياحاً لتعقب سلعهم وضمان وصولها آمنة إلى مائدة المستهلكين. ربما يكون التعليم الآلى والتحليلات المتقدمة للبيانات هو الجزء الأكثر ابتكارا في مسيرة التحول الرقمي بقطاع الزراعة. فقبل الشروع في زراعة البذور، يمكن للتعلم الآلي التنبؤ بالسمات والجينات التي ستكفل أفضل إنتاجية للمحاصيل، وإعطاء المزارعين في جميع أنحاء العالم أفضل سلالات بحسب الموقع الجغرافي والمناخ السائد. ويمكن أيضا استخدام خوارزميات التعلم الآلي في الجانب الصناعي للزراعة، وذلك من خلال تحديد المنتجات التي تجد إقبالاً أكثر من جانب المستهلكين والمنتجات الأقل إقبالاً، وبالتالي بناء توصيات فعالة للزراعة في المستقبل. ويقر التقرير في النهاية بأن مستقبل الزراعة سيعتمد على تحولها الرقمي. وأن المزارعين سيستفيدون من كافة التحولات الرقمية داخل الزراعة، مما سيحررهم من القلق المتصل بالبيئة، والمحصول الأفضل إنتاجية، مثلما ستكفل لهم القدرة على إدارة محاصيلهم بطرق جديدة وفعالة.