توقعت العديد من العواصم العربية أن يقتصر نشاط إيران التخريبي على أجزاء معروفة في العالم العربي، تنشط فيها ميليشياتها تارة ضد إرادة الشعوب كما حدث في سوريا، وفي أخرى تنقلب على شرعية الحكم المعترف به دوليا مثلما حدث في اليمن، أو عبر مصادرة إرادة الشعب العراقي، واللبناني، إلا أن الوقائع كشفت أن إيران ساهمت بدور أساسي في تأجيج الصراع في ليبيا، وبان ذلك بشكل جلي عقب سقوط نظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، حينما اتهم وطنيون ودعاة ليبيون نظام طهران بمحاولة التدخل والتغلغل في بلادهم. إشعال الفتن ويستغل نظام الملالي أي ثغرة في البلدان العربية من أجل إشعال الفتن ونشر التخريب، في صراع من أجل مزيد من التدخلات والفوضى في بلاد العرب، ولعل ليبيا آخر من وصلت إليها أيادي الشر الإيرانية. وبعد سقوط القذافي وضعت إيران مخططاً لاختراق الأقليات العرقية والثقافية في ليبيا واستقطاب آلاف الشبان، وتدريبهم في طهران، وفي بيروت على يد ميليشيا حزب الله، وتجلى ذلك في تصريحات المسؤولين الإيرانيين والموالين لهم. استغلال الفوضى وكثفت إيران خلال الفترة الأخيرة جهودها للحصول على موطئ قدم في ليبيا واستغلال الفوضى السياسية والأمنية المستمرة، لتعزيز وجودها في المغرب العربي ودول الساحل الإفريقي وتحقيق امتدادات استراتيجية في المنطقة العربية وإفريقيا. وينقل الطموح الإيراني لتصدير الثورة والنموذج الخميني فصلاً من المواجهة مع إسرائيل بعيداً عن ساحة الصراع الساخن في سوريا فيما «يصعد مع توسع إيران دور إسرائيل الإقليمي»، ليشمل دولاً لا توجد على حدود إسرائيل. وسبق التناوش الإيراني الإسرائيلي في ليبيا لقاءات سرية خارج ليبيا جمعت دبلوماسيين ومسؤولين أمنيين إيرانيين بناشطين وفاعلين سياسيين وعسكريين ورجال أعمال ليبيين بعضها عقد في تونس ومالطا بهدف اختراق الساحة السياسية والدينية الليبية. وأرسلت إيران مستشارين عسكريين من الحرس الثوري في مهمات خاصة لكن اثنين من الإيرانيين لقيا حتفهما في جنوب ليبيا. استقطاب وتمويل وأشارت مصادر صحفية أخرى، إلى أن إيران سعت إلى استقطاب بعض قادة الميليشيات وأمراء الحرب، وأعربت عن استعدادها لتمويل عدة ميليشيات ودفع رواتب للمسلحين الموالين لها. وأضافت المصادر: إن إيران استغلت في ذلك علاقاتها مع عدد من قيادات تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان، أثناء مساهمتها في حرب الإطاحة بنظام القذافي، من خلال الدور الميداني لمقاتلي ميليشيات حزب الله اللبناني. طمع باليورانيوم وتشدد مصادر ليبية على أن خبراء عسكريين إيرانيين تم استدراجهم من منطقة الجبل الغربي غرب العاصمة طرابلس المتاخمة للحدود مع تونس إلى الجنوب الغني بالموارد الطبيعية بما فيها اليورانيوم. ويطمع نظام طهران في استيراد شحنات منه وفي استغلال جماعات مسلحة وتنظيمات متطرفة تتمركز جنوب ليبيا وتعمل على تقويض الاستقرار في جميع دول المنطقة. ويستخدم النظام في طهران جماعات كهذه عادة كورقة ضغط في مناكفة وابتزاز الدول العربية. ولا تفرض حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات والمدعومة من الأممالمتحدة سيطرتها على الحدود الطويلة مع مصر. تمدد مذهبي وسعت إيران إلى استغلال حالة الفوضى في ليبيا بعد العام 2011 في ترويج مشروعها المذهبي والسياسي في البلاد، والانطلاق به إلى دول الجوار العربي والأفريقي. وفي العام 2013 رصدت تحركات لرجال أعمال ليبيين وإيرانيين وعملاء هدفهم التمدد المذهبي، والعمل على ترسيخ الوجود الإيراني في ليبيا، ورصدت تقارير استخباراتية في العاصمة طرابلس حراكاً متزايداً لعملاء إيران، مؤكدة أن رجال أعمال يتحرّكون لصالح نظام طهران ويديرون عمليات مشبوهة انطلاقاً من مقار لهم في باريس والعاصمة التونسية. وتتوغل إيران في تونس حيث يجد حزب الله الكثير من الأنصار والمؤيدين، بل إن مدير قناة الميادين التابعة لحزب الله أسندت إدارتها إلى غسان بن جدو التونسي الذي أمضى سنين عديدة يسخر شاشة الجزيرة القطرية لتلميع حزب الله وحسن نصرالله، كان يعمل مراسلاً للجزيرة في طهران قبل أن يتولى إدارة مكتب القناة في بيروت ويلمع بشكل منهجي أمين حزب الله حسن نصرالله.وبحسب تقرير استخباراتي، فإن وثائق سرية كشفت عن مواقع لأجهزة تجسس وأسماء سماسرة طائفيون في طرابلس، كما أظهرت أن الإيرانيين يسابقون الزمن، مستغلين تدهور الأوضاع الليبية، لتثبيت قدمهم في البلاد، حيث تزرع طهران موالين لها وتسعى لتشكيل دولة عرقية في غربي البلاد تكون منفذة للأجندة الإيرانية في شمال أفريقيا. ووفقا ل»بوابة أفريقيا الإخبارية» الليبي، فإن آلاف المواطنين حولوا مذهبهم، في ظاهرة غريبة انتشرت بالمجتمع الليبي بشكل كبير جدا بعد سقوط القذافي. وقالت مصادر إعلامية: إن حوالي 5 آلاف شاب ليبي مراهق اعتنقوا أفكارا طائفية، بعد غياب الرقابة التي مكنت إيران من التبشير بأفكارها الطائفية في ليبيا والدعوة لها بلا رقيب. ويتركز معتنقو الأفكار الطائفية في طرابلس، وفي شرق البلاد وخاصة في مدينة بنغازي وضواحيها، فيما ذكرت مصادر أن المئات من الشباب الليبي سافروا الى ايران للتعلم في إيران. وأكد رئيس لجنة الأوقاف بالمؤتمر الوطني الليبي، محمد الوليد في تصريحات صحفية نقلت عنه نهاية العام 2012 أن بعض الدعاة الموالين لإيران يقومون بشراء أراض باسم الحوزة في ليبيا، مشيرا إلى أنهم يهدفون إلى تأسيس مؤسسات ومراكز طائفية. استغلال الشباب واتهمت هيئة علماء ليبيا، في بيان، إيران بنشر الطائفية بين الشباب الليبي، وطالبت الحكومة باتخاذ إجراءات لمكافحة هذه الظاهرة، كما انتقدت ما وصفته بالتحركات المريبة للسفارة الإيرانية لدى ليبيا. واقترحت الهيئة على وزارة الداخلية ولجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني تشكيل لجنة لمكافحة هذه الظاهرة، وتعهدت بأنها ستبذل كل ما من شأنه جذب اهتمام الرأي العام إلى هذه القضية. وقالت مصادر مطلعة: إن الحكومة قررت منع الأجانب والعرب الذين يدخلون أراضيها وعلى جوازاتهم أختام تشير إلى زيارتهم إلى إيران في إجراء احترازي للتصدي لحملات مذهبية انتشرت بقوة في البلاد مستغلّة ضعف الدولة وأجهزة رقابتها في الفترة التي أعقبت سقوط نظام القذافي. وأكدت أن السلطات المختصة في مطار طرابلس شرعت في تطبيق إجراءات المنع على أي أجنبي أو عربي من دخول البلاد إذا تبين لها أن المسافر حامل جواز السفر سبق أن دخل إيران بموجب تأشيرة دخول مثبتة على صفحة من الجواز، بينما أعلنت السفارة اللبنانية أن عدداً من اللبنانيين الذين كشفت جوازات سفرهم عن زيارات سابقة لهم إلى إيران منعوا من دخول التراب الليبي.