المحاولات جوهر الإنجاز، والاستمرار قوة الإرادة. الإنسان يحتاج إلى تحقيق معادلة الاتزان في حياته اليومية ليتمكن من مواصلة البناء والحصول على مستقبل آمن. الأمن بمفهومه الشامل العميق، الاجتماعي، النفسي، الأسري، الفكري، والاقتصادي الذي هو محور الحديث في هذه العُجالة الرمضانية التي أحاول بقدر المستطاع تخفيف لغتها لتتناسب مع خصوصية الوقت. الدولة تسابق الزمن نحو بناء حاضر مثمر ومستقبل مُزدهر للارتقاء بمعيشة المواطن وأمنه، الذي يعد محور الإصلاحات الاقتصادية الأساسي، فهو صانعها، ومن سيجني ثمارها في القريب العاجل بإذن الله. وأعني المستقبل بمنظوره الحديث الذي له مستهدفات زمنية محددة تسمح بقياس النتائج الملموسة وتقييمها، بداية من برنامج جودة الحياة 2020 إلى تحقيق رؤية 2030 وهي سنوات الاستثمار الحقيقي في موردنا البشري الأهم. والمتأمل في السياسة المالية والنقدية الحالية يجدها تعتمد في الأساس على توفير مصادر دخل مستدامة، إضافة إلى تقنين الإنفاق العام والتحول من الإنفاق التشغيلي إلى الإنفاق الرأس مالي، ورفع كفاءته. هذا جزء من منظومة عمل جديدة وحيوية على مستوى الحكومة، مرتبطة مباشرة بسلوكيات الأفراد الذين هم قوة الاستهلاك الضخمة والمستهدفة من كل عمليات «التسويق الجائرة»، والذي يبدو لي كمتابع بسيط لما يدور حوله، بل ومتأثر بالتفاعل الحاصل قبل وبعد إطلاق برامج رؤية المملكة 2030 أن تغيرًا تامًا قد حدث في سلوكياتنا الاستهلاكية المعتادة التي كانت تسعى لإرضاء هامش «الكماليات» بأي ثمن كان، دون التفكير بطريقة اقتصادية تعتمد معيار القيمة تساوي مقدار الحاجة. وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كشفت لنا حركة الأسواق التجارية قبل وخلال الأيام الأولى من شهر رمضان الكريم تطورًا عميقًا في طريقة تفكير الناس الجمعي وتحسنًا في سلوكيات الاستهلاك العام، وحتى مستوى النقاش في مجالسنا أصبح أكثر انحيازًا لمحفظة التوفير. والأيام القادمة ستعزز هذا الإحساس بالمسؤولية تجاه أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا ووطننا، قريبا جدا سيكون الادخار سلوكًا حقيقيًا بدلًا للإنفاق الاستهلاكي غير المبرر، مستقبلنا ومستقبل أبنائنا يجعلنا ملزمين بإعادة هيكلة نفقاتنا الفردية وفلترة فواتير الاستهلاك ومراجعة المصروفات اليومية والتركيز على الأهم والأهم فقط. للمستقبل: الأشياء الهامشية غالية الثمن مهما كانت رخيصة.