أفاد خبراء في قطاع الاستزراع السمكي بأن السوق السعودية تهدر ما يزيد على 5 مليارات ريال؛ نظرًا لاستيراد الأسماك من الخارج، وعزوف المستثمرين عن الاستثمار بمجال الاستزراع المائي في ظل توفر جميع المقومات البيئية بالمملكة، ودعوا إلى الدخول بشراكات مع الدول التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة ولا تستطيع الدخول إلى أعماق بحارها لتنمية الصناعة السمكية بسبب العوامل المعيقة كالتيارات المائية والتسونامي من أجل سد العجز الكبير الذي تواجهه المملكة خصوصا وأن الاستهلاك السنوي تجاوز 350 ألف طن. وقال رئيس المركز الدولي البحري والمدير السابق لإدارة الاستزراع السمكي بوزارة البيئة والمياه والزراعة المهندس محمد السهلي: إن السوق تعاني من إحجام المستثمرين عن الدخول باستثمارات متوسطة وطويلة الأجل مثل قطاع الاستزراع السمكي وتوجههم إلى الاستثمارات الصغيرة والسريعة. وأضاف إن الاستثمار في هذا القطاع له عدة أهداف تنموية سامية ومجدية ستعمل على تحقيق رؤية المملكة 2030، ومنها الاستفادة المثلى من السواحل الشاسعة والمناطق الساحلية النائية التي نسعى من خلالها إلى إيجاد فرص عمل للقاطنين بها وادخالهم بالمنظومة التنموية، مشيرًا إلى أن الإمدادات السمكية في العالم بدأت تأتي من المزارع السمكية بنسبة تجاوزت 50%، لذا يجب علينا مواكبة هذه الصناعة النامية، والتناغم مع التوجهات العالمية في هذا المجال، والاستفادة من السواحل السعودية المتاحة، وهذا يتيح المجال لشراكات عالمية مع كثير من الدول الصناعية العظمى التي لا تستطيع الدخول إلى أعماق بحارها لتنمية الصناعة السمكية بسبب تلك العوامل المعيقة في بحارها. وأشار إلى أن البحر الأحمر يوفر مدى حراريًا جيدًا ينعكس على تعدد تربية أصناف كثيرة من الأسماك، ويعطي المستثمر السعودي مجالًا للدخول في مجالات سمكية تسهم بسد العجز الكبير الذي تواجهه المملكة، خصوصا وأن الاستهلاك السنوي تجاوز 350 ألف طن من الأسماك بقيمة تزيد على 5 مليارات ريال، بينما الإنتاج المحلي من الأسماك منذ عام 1984م وحتى الآن لم يتجاوز ال 80 ألف طن سنويًا أي أن نسبة الاكتفاء الذاتي لا تتجاوز 22%، ومعدل الفجوة بين العرض والطلب يقدر ب 78%. وأكد السهلي أن صادرات المملكة من الثروة السمكية التي بلغت 37 ألف طن للأسواق الخارجية تعتبر مؤشرًا جيدًا ودليلًا على جدوى الاستثمار وعائدًا غير نفطي، ولكن من الجانب الآخر فإنه يتم هدر ما يزيد على 5 مليارات ريال بسبب استيراد الأسماك من الخارج الذي في حال إنتاجه محليًا سيكون في مصلحة الاقتصاد الوطني. وعن انعكاس ما ينتج من الاستزراع السمكي على أسعار الأسماك والروبيان المرتفعة في الأسواق المحلية أوضح السهلي: 90% من صادرات المملكة السمكية تتكون من الروبيان، و5٪ من الأسماك، حيث تعد سفير جودة لهذه الصناعة السمكية ومطلبًا للأسواق السمكية التقليدية مثل أسواق آسيا وأوروبا وأمريكا، ففي الوقت الذي نحن نصدر فيه هذه الكميات فإنه يوجد لدينا روبيان مستورد وبسعر منخفض، مضيفا إن الروبيان الذي يصدر إلى الخارج ذو جودة وأسعار مرتفعة لا تغري التجار بتسويقه في السوق المحلية، ولكن وزارة البيئة والمياه والزراعة تبذل جهودًا كبيرة لتعزيز هذا الجانب منها تدشين شعار (سمك) رمز لجودة المنتج المحلي تحت إشرافها. وأفاد مدير العلاقات العامة والناطق الرسمي لوزارة البيئة والمياه والزراعة الدكتور عبدالله أبا الخيل بأن الوزارة تقوم بعدة مبادرات وفق «رؤية 2030» بهدف تطوير الاستزراع، ومن أهم هذه المبادرات مبادرة تطوير البنى التحتية الخاصة به حيث تشمل المفارخ ومصانع الأعلاف والتجهيز. وأوضح أن إنتاج المملكة في 2017 م بلغ 55 ألف طن، وقد تم تصدير 37 ألف طن منها للأسواق الخارجية و18 ألف طن للسوق المحلية والتي تعادل نسبة 33% من حجم الإنتاج. وأكد أبا الخيل أن الوزارة تستهدف أن تتم تغطية 65% من احتياج استهلاك المملكة من الأسماك عن طريق الإنتاج المحلي، وكذلك الوصول إلى إنتاج 600 ألف طن من الأسماك المستزرعة سنويًا بحلول عام 2030م، وتوفير فرص العمل لشباب الوطن من الجنسين عن طريق مشاريع الاستزراع المائي في مختلف مناطق المملكة والمناطق الريفية بشكل خاص وزيادة المساهمة في الناتج الوطني.