معظم الأفلام، تحتمل الشخصيات صفتين إما الخير أو الشر المطلق، لا يوجد منتصف بينهما. على عكس الحياة تماماً، فمعظم الأشياء في الحياة كاللون الرمادي؛ محايدة تدمج في طابعها بين نقاء الأبيض وغموض الأسود. قد يعتبر هذا الأمر تناقضاً للبعض ولكن على العكس تماماً؛ فالطبيعة البشرية تقتضي التوسط والاعتدال في أغلب الأحيان. المشاعر، على سبيل المثال، الإفراط فيها يؤدي الى خلق إنسان هش تسقطة أي كلمة أو فعل جارح، إنسان أشبه بالريشة في ضعفه تطير أينما تذهبها الرياح دون حول منها ولا قوة. على الجانب الآخر، التفريط في المشاعر يجعلك صخرة، صلبة، قاسية، وحين تكسر لن تعود كما كانت إطلاقاً. كذلك المال، المال، والمال! من أكثر المواضيع التي يبخس الناس أهميتها في حديثهم ثم تراهم سراً يبيعون الغالي والنفيس في سبيل صنعها! فتراهم يتغنون بعبارات مثل «المال لا يصنع السعادة» متناسين قوله تعالى: «المال والبنون زينة الحياة الدنيا»، متناسين أن أمورا كثيرة في الحياة لا نستطيع الحصول عليها إلا بالمال، لكن في الآن ذاته هذا لا يعني أن المال هو كل شيء في هذا الكون. ببساطة، ينبغى لنا أن نتوسط فيما يتعلق بالمال؛ فنسعى في أرض الله لنيله كي يكون وسيلة تعيننا على الحياة وتقوينا على فعل الخير. في نفس الوقت، يجب ألا نتعلق به تعلقاً مطلقاً، وكأن دخولنا الجنة مشروط بالسعي المستميت والتخلي عن القيم العظيمة لتحصيله. لعل التوازن بين الرضا والطموح من أصعب المعادلات البشرية وجوداً على الإطلاق. الاتزان بينهما يعني أن تسعى في هذا الكون كي تعمر هذه الأرض مع رضاك بما ستكسبه في آخر المطاف. مع يقينك التام أن «الخيرة فيما كتبه الله لنا». إن الوصول إلى هذه الموازنة التي تحقق السلام والرضا الداخلي يتطلب منك أن تتحلى بالصبر، أن تسلم أمرك لله لان فؤادك طمأنينته عنوانها قولة تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا»، وأيضاً، ليقينك التام أن طموحك وسعيك في هذا الكون من الأسباب العظيمة التي وجدت على هذه الارض لتحقيقها. تلك المعادلات التي كتبت على الأوراق ليست بأصعب المعادلات، بل هي المعادلات التي بوجودها يتحقق السلام الداخلي للإنسان.