الجميع يعرف الخوف من الفشل، فهو خوف واضح وحاضر في الكثير من المواقف. فلا أحد منا يود أن يبدأ مشروعا وهو يدرك أن أمامه فشلا محتما. أما احتمالية الفشل فهي دائما موجودة فتقلق وتخيف. وجود هذه المخاوف قد يكون قويا بحيث يجعل الشخص عاجزا عن المضي قدما فلا يفشل ولكن أيضا لا ينجز ليعطي نفسه فرصة النجاح أيضا. لا أعرف شخصا لديه طموح بأن يكون فاشلا بل قد أجزم أن الرغبة في النجاح شيء يتشارك فيه الغالبية العظمى من الناس. إذن من أين جاءت فكرة الخوف من النجاح؟ وهل يعقل أن تكون حقيقة؟ إنها بالفعل كذلك رغم عدم وضوحها لنا، فالعقل الباطن له دور هنا في جعلنا أعداء أنفسنا. ولكن حتى عندما لا نعي الخوف فإن بعض المؤشرات قد تدل عليه. منها أن نعمل ببطء وحذر متوجسين من الوصول إلى خط النهاية. وإن كان الفشل والنجاح مرتبطين إلا أن النجاح يعتبر أكثر تعقيدا. فهو بالتأكيد يجلب معه التغيير وظروفا جديدة. لعلها ترقية تتطلب تغيير المهام وتغير الموازين المعروفة في العمل وتضطر الشخص لإثبات نفسه من جديد في بيئة غير مألوفة. أو من المحتمل أن يكون النجاح على هيئة ظهور أوسع للمهارات أمام عدد أكبر من الناس. حينها قد نخاف من الانتقادات المحتملة وصنع أعداء لنا. مهما كان نوع النجاح فإنه مصحوب ببعض التغيير، ومخاوفنا هنا تتعلق بالشك في التكيف مع ما قد يتغير علينا. إن التغيير من الأمور الصعبة؛ كونها تخرجنا عن دائرة المريح والمعروف. فعندما نكون في حالة جيدة نفتقد الحافز للتغيير وقد يكون التقاعس أسهل. كذلك يصحب النجاح تخوف من التنازل عن المصداقية والمبادئ التي قادتنا إلى النجاح بالأساس، فهل سوف نضطر لاختبار مبادئنا من جديد؟ إن النجاح بطبيعته يجعل الناجح محط الأنظار، ومن لم يعتد ذلك أو لا يفضل تلك الفكرة فقد يتعمد فعل ما يمكن؛ لإبعاد الأضواء والانتباه عنه. قد يعتقد بأن ما وصل إليه هو بالصدفة أو بالحظ، ولا يود أن يكشف نفسه للعامة؛ لئلا يكتشفوا أنه لا يمتلك المهارات المطلوبة. هذا النوع من التفكير مغلوط ويسمى بمتلازمة المحتال أو الدجل (Imposter syndrome) وهو يصيب الكثير من الناجحين الذين قد يعملون بجهد مضاعف ليتأكدوا من عدم الفشل. قد تكون فكرة الخوف من النجاح غريبة علينا، ولكن معرفة وجودها أمر مهم. فالتعرف على مخاوفنا واستجواب أنفسنا وتسمية الأمور بأسمائها ومن ثم المضي قدما يزيل خطورتها ويساعدنا في التعامل معها.